يعتبر البيروفي ماريو فارجاس يوسا مجموعته القصصية “الرؤساء” عالما مصغّرا لبقية أعماله؛ فكل حركة وكل إشارة بالقصص هي شفرة لا تبين إلا من خلال صاحبها لذا تلعب النظرات والحركات والإيماءات والتلامس الجسدي والتلعثمات دورًا حيويًا في العمل، يجعل القارئ يتوغل في أعماق الجماعة في مفهوم التضامن أو الفردية في فهم أسباب الشراسة أو الغدر، وتمثل “الرؤساء” ركيزة لجزء مهم من موضوعات يوسا -الحائز على نوبل في الآداب لعام 2010- ونظرته للعالم وتقنياته الأدبية ومهاراته الروائية. تتضمن المجموعة الصادرة في طبعة جديدة عن المركز القومي للترجمة في القاهرة ست قصص كتبت بين أعوام 1953 و1957 وتعد المجموعة الأولى والأخيرة من حيث كونها قصصًا قصيرة؛ لأن يوسا لم يكتب بعد ذلك سوى الرواية والمسرح، ويحمل يوسا لهذه القصص حنينًا خاصًا لأنها كتبت في مرحلة صعبة في حياته، فترة البحث عن لقمة العيش، حصلت المجموعة على جائزة “ليوبولدو ألاس” في إسبانيا، وقصة المبارزة التى حصل بها على جائزة من فرنسا لأدب الرحلات عام 1957. ويمزج يوسا في “الرؤساء” بين الحقيقة البيروانية، فيختار عالمين أساسيين الغابة والمجتمع المدني، ويختار البرجوازية في بيرو لذا فإن بعض شخوصه يغلب عليها طابع النمطية لأنها تخلّقت تبعًا للوظيفة التى ستلعبها. مستوحيًا عالمًا مدرسيًا استمده من تجربته الذاتية عندما التحق بمدرسة لونثيو ببرادو العسكرية. وفي قصة “المبارزة” يحكي تفاصيل قد تحدث في الحياة اليومية في الأحياء الفقيرة، حيث تسود شريعة الغاب ويحتل القوي المساحة الأكبر من الاحترام طالما بقي نصل مديته مدميًا وجسده أقل جروحًا من خصومه.