هي خديجة بنت خويلد القرشية الأسدية الملقبة ب(الطاهرة) سيدة نساء قريش. ولدت في بيت مجد وسؤدد، ونشأت في بيت من البيوت الشريفة، فغدت امرأة عاقلة جليلة، اشتهرت بالحزم والعقل والأدب الجم. بعد فراقها لزوجها أبي هاله وهند آثرت الانصراف لتربية أولادها وإدارة شؤون تجارتها رغم تقدم الكثير من أشراف قريش لها. كانت السيدة خديجة رضي الله عنها غنية ذات مال وجمال ولكنها كانت ذات حياء ووقار. لم تكن تجالس الرجال وتتناقش معهم وتلتقي بهم ليتناقل العالم صورها بصفحاته وشاشاته بل كانت تستأجر الأمناء الشرفاء ليتاجروا لها وتدفع لهم المال مضاربة، فكانت حريصة على مالها من الإفلاس، وعلى حيائها من الضياع فلما بلغها ما اتصف به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل بعثته من الصدق والأمانة والخلق أرسلت له مع غلام لها ليخرج بمالها إلى الشام. أرسلت إليه مع غلام رغم أنها في زمن الجاهلية فكيف بمن تذهب بنفسها للرجال وتجالسهم وهي مأمورة بالحشمة! فوافق الصادق الأمين وسافر مع غلامها فكان الربح الوفير والخير الكثير... ثم تزوج محمد عليه الصلاة والسلام بخديجة سيدة قريش فلما بُعِث كانت أول من آمن وضربت لنا أروع الأمثلة بوقوفها بجانب النبي الكريم بمالها وجهدها تعينه على احتمال ضروب الأذى والاضطهاد. تخفف عنه وتثبته وتدعو إلى دينه بالقول والعمل فوقفت صامدة كالجبل الأشم رغم المحن القاسية على المسلمين بمختلف الأشكال والصور. هذه هي خديجة السيدة الطاهرة والزوجة الوفية الصادقة والمؤمنة المجاهدة في سبيل دينها بكل ما تملك من عرض الدنيا فهي القدوة وهي الأسوة. ومن هذا المنبر أهيب بسيدات الأعمال التعرف على خديجة بنت خويلد قبل وضع اسمها على تجمعات ظهر البعض فيها بشكل لا يناسب السيدة خديجة لو رأته. وقراءة سيرة هذه الطاهرة وأمثالها من أمهات المؤمنين كفيلة بإنعاش حياتنا وإعادة تشكيلة الجمال والروعة الذي كانت عليه المرأة المسلمة في صدر الإسلام. وأيضا أهيب بنسائنا قراءة تاريخ هذه المرأة الجليلة وسيرتها العطرة في حياتها الكريمة حتى يتخذ من عبق ذلك أريجًا يعطر أرجاء نفوسنا بنور الإيمان والحكمة والعقل فتحل قضايانا ولنسر نحن النساء على نهج خديجة وسوف نكسب كثيرًا فهي من بلغها ربها السلام مع رسوله وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح... حنان حلواني - جدة