قال رئيس مجلس الغرف السعودية الشيخ صالح عبدالله كامل: إن المضاربة في الأسهم السعودية يعد استثمارًا طفيليًا ولا يخدم الاقتصاد الوطني، وقال: يوجد لدينا عدة اقتصاديات (اقتصاد حقيقي، اقتصاد طفيلي، اقتصاد وهمي)، وأنا أؤكد في الجانب الآخر على قول رئيسنا الكريم بأن المضاربة في عقار جدة واحتكار أراضيها دون بناء أو تنمية يعد استثمارًا طفيليًا مبنيًا على اقتصاد وهمي.. في هذا الموضوع شاركت الجمعة الماضية زملائي في الفيس بوك حول موضوع فتوى مرتقبة من هيئة كبار العلماء بعدم جواز فرض ضريبة على العقارات البيضاء والمساحات الكبيرة، فقال أحدهم: إن الإسلام حارب فكر القبائل الكبيرة في الجاهلية التي كانت تتخذ مساحات شاسعة من الأراضي تسمى (بالحمى) لمنع الآخرين من الاستفادة منها وجاء الإسلام وجعلها مشاعًا بين المسلمين، وفي هذا الأمر قال رسول الله محمد صلى الله علية وسلم: (لا حمى إلا لله ورسوله)، والزميل الآخر قال: إن احتكار الأراضي الكبيرة بفكر الجاهلية، أدى إلى تركز الثروات في أيدي قلة يمتلكون مساحات شاسعة من الأراضي من دون أن يسهموا بأي فائدة اقتصادية للوطن وللمواطن، أما الزملاء الحقوقيون فقالوا: إن احتكار الأراضي تعادل في ضررها احتكار المواد الأساسية في البناء مثل الحديد والاسمنت التي يعاقب عليها النظام ويسجن صاحبها.. لذلك بحثت في قوقل عن آخر مستجدات هذا الموضوع، فوجدت تصريحًا من مسؤول في وزارة الشؤون البلدية والقروية يقول بصيغة الأمر المنتهي الذي لا مجال فيه للمناقشة: بأن الوزارة لن تدرس سن قوانين لإجبار ملاك الأراضي البيضاء على بيعها أو استثمارها، هذا التصريح يدفعنا لسؤال المسؤول: لماذا لا تدرس الوزارة هذا القرار..؟! ألم تدرس الوزارة قبل ثلاثين عامًا حقها في نزع الملكية للمصلحة العامة، ورفعت الأمر لمجلس الوزراء ليصدر نظام نزع الملكية للمنفعة العامة، فهل مصلحة الأمة لا تتقدم في المصلحة العامة على مصلحة الأفراد، وهل تصريح وزارة الشؤون البلدية والقروية عن توفير 266 مليون متر مربع من الأراضي لإقامة مشروعات سكنية خلال الخمس السنوات المقبلة في مختلف مناطق السعودية مع توفير البنى التحتية لها وفقًا لخطة التنمية التاسعة، تصريح واقعي ومُنسق مع وزارة المالية وهيئة الإسكان أم أنه غير ذلك..؟! على العموم إن الدفاع بحرية الملكية المطلقة أمر لا يمكن قبوله في أزمة الإسكان الحالي والمخيف، وهذا الدفاع يجعلنا نقف مع أقلية الأقلية ضد المواطن وأجيال المستقبل، فيوم الأحد الماضي شاركت في افتتاح معرض (ستي سكيب) الرياض، ووجدت أن هناك شركات سعودية وخليجية عملاقة ولديها برامج وحلول للإسكان المتوسط ولكن تظل مشكلتها في كيفية التوفيق مع محتكري الأراضي البيضاء الذين لا يرغبون في الاستثمار وفي وجع الرأس، وإنما ينتظرون رفع الأسعار، وهو أمر لا يبرره عقل ولا منطق ولا شرع، فكل زيادة في أسعار الأراضي تسهم في الجانب الآخر بتحويل مئات آلاف من العوائل لنكد العيش والتضخم والاستغلال والجشع.. إن التقارير الإحصائية تشير إلى تزايد سكاني كبير وزيادة متصاعدة في الطلب على المساكن، وعلينا أن نحل المشكلة وتفريج هذه الأزمة التي تمس كل مواطن، خاصة وأن مشاريع الإسكان الميسر الذي أطلقها الملك عبدالله لم تتمكن وزارة الشؤون البلدية والقروية وهيئة الإسكان والأمانات في مناطق مختلفة من تنفيذها بسبب عدم توافر أراضي بأسعار معقولة أو عدم توفر أراضي مملوكة للحكومة. هناك نماذج في فرض ضرائب على الأراضي البيضاء تم تطبيقها مؤخرًا في الكويت وفي النرويج وكلها تعطي للمالك ما بين 3 سنوات أو 4 سنوات ثم يتم بعدها فرض ضريبة معينة تجعل من المالك يسرع في استثمارها، وأي شخص يفتح (قوقل ارث) للخرائط الجوية سوف يجد القطع الكبيرة في المناطق المأهولة بالسكان، مثل المطار القديم وحول أمانة جدة، والغرفة التجارية والمحجر وكيلو 14، وأيضاً في أهم شارعين تجاريين بجدة وهما: شارع الملك وشارع التحلية، وكذلك في منطقة جدة التاريخية. ختامًا: لقد أوجدنا نظامًا جميلًا ورائعًا لحل مشكلة الأحياء العشوائية بجدة، والتي يقطنها الفقراء والمساكين، وطلبنا منهم النظر للمصلحة العامة قبل مصالحهم الشخصية، فكيف نعجز عن إيجاد حل لمشكلات الأراضي البيضاء الكبيرة وسط الأحياء السكانية التي يمتلكها الأغنياء..؟! www.abm.com.sa