يعد الأستاذ محمد صلاح الدين من الكتّاب القلائل الذين يجمعون بين الشكل والمضمون فيما يكتبه من مقالات صحفية، أي أنه يتميز بطرح الأفكار الجادة والبارزة في مشهد التفكير الإنساني وحركة الواقع، واعيا بتحولاته الاجتماعية والفكرية في كل الحقول المعرفية، وفي الوقت نفسه يتفرد بحس عالي في اختياره لمفرداته اللفظية، فتشعر المعنى اكتسى باللفظ المناسب له، وإن أردت أن تبحث عن مفردة أخرى تتطلب منك جهدا عسيرا حتى يتحقق لك ما تسعى إليه وهذا النوع من الكتابة هو الكلام البليغ، وفي عصرنا الحالي نقول عنه : السهل الممتنع. وللأستاذ صلاح الدين منهجه في الأسلوب الكتابي الذي نستطيع أن نفرق بينه وبين غيره من الكتّاب سواء في طرح الفكرة أو بناء الجملة، وتعود هذه الخصوصة لثقافته الواسعة، التي تبرز في تناوله الفكري، فهو ممن تشرب أطياف المعرفة والثقافة. يشير كثير من الصحافيين البارزين في المشهد الإعلامي لفضل الأستاذ محمد صلاح الدين وريادته في تشجيعهم وتدريبهم وتقديم الفرص لهم في مشوارهم مع مهنة المتاعب، وأبرز هؤلاء الإعلاميين ممن تسنموا مناصب عليا في المؤسسات الصحفية، كرؤساء لتحرير الصحف أو مدراء لهذه المؤسسات وهو مايدل على شخصيته القيادية وأستاذيته التي لا يسعى وراء ظهورها بقدر ما تبرز لنا، متمثلة في رحلته مع الصحافة والنشر. ولعل من المناسب أن نذكر أن الاستاذ -أبو عمرو- من الكتّاب أو الإعلاميين المخضرمين الذين جمعوا بين تجربتين ثريتين في تاريخ الصحافة السعودية، وهما صحافة الأفراد، فقد عمل في آخر سنوات هذه المرحلة مع أساتذته من الإعلاميين مثل ابناء حافظ: علي وعثمان حافظ في صحيفة المدينة، وابناء جمال : صالح وأحمد محمد جمال في صحيفة الندوة. وهو كثيرا ما يدين لهم بالفضل ومد يد العون والتشجيع في مشواره الإعلامي والثقافي، ويغتنم كل مناسبة لذكرهم والثناء كلما جاءت سيرتهم أو قاد الحديث لذلك. وعندما نقول أن صلاح الدين أستاذ الجيل، فإننا نسجل دوره الريادي والقيادي في إبراز كل هذه الاسماء الإعلامية والصحافية، ولا نريد ذكر هذه الاسماء حتى لا نسقط أحدا منهم، ولعل في مثل هذا الملف الذي خصص لأستاذ الجيل من أشار إلى هذه الكوكبة الإعلامية، وهناك غيرهم كثير، ومن يرصد تاريخ وسيرة الأستاذ محمد صلاح الدين سيكتشف لنا عن جوانب مضيئة ..ومعالم جديدة في حياة هذا الرائد ولذا فإن أبا عمرو يعتبر مدرسة صحفية، وتلاميذه هم الآن ممن يرسمون حركة الصحافة المحلية. وأشير على متابعته الدقيقة لما ينشره الجيل الجديد من الإعلاميين والصحفيين وحرصه الدائم على التشجيع سواء عبر مكالمة هاتفية أو من خلال زاويته الصحفية (الفلك يدور) مثنيا على أعماله، وهو يختلف عن غيره من الكتّاب الذين يغفلون اسماء الصحفيين حين يعلقون علة موضوعاتهم دون الحفاظ على حقوقه الفكرية والأدبية، غير أن الأستاذ صلاح الدين خلاف هؤلاء، فهو حرص على ذكر اسم الصحفي الذي عمل الموضوع أو أجرى الحوار، وهذه سمة من سمات الأستاذية والرعاية الحقيقة للأجيال التالية لجيله. وعندما أقول أنه أستاذ الجيل، فأنا استحضر دور أحد رواد حركة التنوير والخطاب النهضوي -أحمد لطفي السيد- مع اختلاف ما بينهما في الاتجاه الفكري، غير أن التشابه بينهما يأتي في تكوين المدرسة ورعاية الجيل، وحماس التلاميذ لأستاذ جيلهم. في مثل هذا الأسلوب كان الأستاذ صلاح الدين أستاذ .. ورائدا في طريقة التشجيع. نرجو الله أن يمتعه بالصحة والعافية، وأن نراه قريبا عبر زاويته (الفلك يدور).