مع نهاية العام تُطوى صفحة رئيسة من صفحات العمر، فترق نفوس تتذكّر المعاد الأخير، ونهاية المشوار الطويل، وتؤوب إلى الله العزيز الحكيم، مسترجعة يوم الوقوف بين يدي الله، وقد كثر الخصوم، وتزاحمت الحقوق: حتى متى وإلى متى نتوانى وأظن هذا كله نسيانا والموت يطلبنا حثيثًا مسرعًا إن لم يزرنا بكرة مسّانا إنا لنُوعظ بكرة وعشية وكأنما يعني بذاك سوانا يا مَن يصير غدًا إلى دار البلى ويفارق الإخوان والخلانا إن الأماكن في المعاد عزيزة فاختر لنفسك إن عقلت مكانا لكن مِن القوم مَن لا يعقل للأسف الشديد، فلا تشغله إلاّ عيوب الآخرين عن عيوبه، كأنه مبرّأ من كل نقص، خالٍ من أي عيب. وحتى الأموات لا يسلمون من ألسنة هؤلاء، بل تراهم يسطرون بذاءاتهم الكريهة مكتوبة، تشهد عليهم يوم القيامة عندما تجتمع الخصوم، ويُنادى على أصحاب الحقوق والمظالم. وأعجب ما يصدر عن بذيء تافه زعمه بأن يتحدث باسم أهل السنّة والجماعة، وكأنهم منحوه تفويضًا ليهذر باسمهم، وليقول نيابة عنهم ما يتبرأ منه كل عاقل منصف، بل يتهم كل مخالف لبذاءته بالتمييع والتبديع والتفسيق، زاعمًا أن الحق بضاعته لا غير. هل تصدقون أن السفاهة بلغت من هذا البذيء مبلغًا يصف به الدكتور محمد عبده يماني بأنه (صوفي مبتدع)، وأنه (صوفي ضال)، مستشهدًا بنصوص قد طوّعها لتحقق رغباته المريضة. لكن تلك -والله- شهادة لمعالي الدكتور يماني: وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل هذا الصنف من الناس هم أصل البلاء في الدِّين، وهم مصدر الفرقة بين المسلمين، وهم الهمّازون المشّاؤون بنميم.. لا همّ لهم إلاّ عيوب الآخرين، مع أن عيوب أمثال الدكتور يماني تُعدُّ محاسنَ إذا ما قُورنت ببذاءات هؤلاء وأمثاله، ممّن يصدق في بضاعتهم قول الحق تبارك وتعالى: (وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون). وهل من كذب أشد من تكذيب مئات الألوف ممّن ظنوا بالدكتور كل خير، ودعوا له بكل خير، وهم شهداء الله في أرضه، وبين خلقه؟! ألا خرست الألسن، وشاهت الوجوه، وصمت الناعقون.