جميل أن ينظم مركز السيدة خديجة بنت خويلد منتدى يناقش شؤون المرأة السعودية ومساهمتها في التنمية، وعظيم أن يحظى هذا المنتدى باهتمام كبير تمثل في رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله لأعماله ومشاركة أربعة وزراء في مداولاته ولكن الزين مع الأسف ما يكمل، فلقد أصدر المنتدى في نهاية جلساته بيانًا ختاميًا اشتمل على إحدى عشرة توصية لم أجد بينها ما يعكس أهمية موضوعات المنتدى وحيوية القضايا التي تتعلق بالمرأة في بلادنا ومساهمتها في التنمية مثل قضية البطالة النسائية ومحدودية فرص العمل للمرأة ورفع الحيف الواقع عليها في بعض الممارسات الاجتماعية والحقوق القانونية وغير ذلك.. وبصفة عامة فانني لا أحبذ أن تصدر المنتديات العامة توصيات لان معظم هذه التوصيات تطبخ بليل ويعدها نفر قليل من المنظمين ولا تعبر بالضرورة عن رأي المشاركين، وهي في الغالب تعرض عليهم في نهاية المنتدى وعلى عجل وبدون اتاحة الفرصة الكاملة لمناقشتها والتداول فيها، أما إذا أصدر هذا المنتدى أو غيره توصيات فلا أقل من أن تكون لهذه التوصيات قيمة ملموسة تتلاءم مع الحدث وأهمية قضاياه وحساسيتها. تبدأ التوصيات بالحث على وضع خطة وطنية لتحسين صورة المرأة في المجتمع وإنشاء قناة فضائية لنقل صورة المرأة السعودية، ولا ادري كيف ننقل صورتها ان كانت ما زالت في حاجة إلى تحسين وهل هي صورة المرأة التي تحتاج إلى تحسين أم واقعها، وما الذي دفع المنتدى إلى الاهتمام بالصورة وترك المضمون؟ تتحدث التوصيات عن اشراك المرأة في اللجنة المساندة للمفتي وكمستشارة في هيئة كبار العلماء، وهاتان التوصيتان تقفزان على كل الأولويات المنطقية لمعالجة قضايا المرأة وتفقدان المنتدى شيئًا من جديته ومصداقيته. ثلاث توصيات أخرى تطالب بإنشاء هيئات أو لجان واحدة تعني بشؤون المرأة وأخرى للتنسيق بين القرارات الوزارية وثالثة تضم النساء العاملات في حقوق العلوم المختلفة، ولا ادري ما المنطق الذي يجعل من تأسيس الهيئات واللجان حلًا سحريًا لكل المشكلات. توصية أخرى تتحدث عن إنشاء قاعدة معلومات لمتابعة النساء المسلمات المتفوقات، وأتساءل أليس المعني بمثل هذه التوصية هو مركز السيدة خديجة نفسه؟ تبقى من بين التوصيات ثلاث إحداها تعني بمشاركة المرأة في اللجان الخاصة بقضايا الأحوال الشخصية والمشكلات الأسرية وهي توصية جيدة وان كانت أفضل لو أنها كانت أكثر طموحًا وتناولت مسألة وضع مدونة واضحة للأحوال الشخصية تحفظ للمرأة والأسرة حقوقها، وتوصية أخرى تطالب بإشراك المرأة في المجالس الرسمية ولعل الأحرى أن تكون التوصية أكثر وضوحًا وتحدد بالاسم مجلس الشورى ومجالس المناطق، وثالثة تدعو إلى سن أنظمة تكفل رعاية الأمومة والطفولة للمرأة العاملة وهي توصية وجيهة ومعقولة. وأخيرًا لم تتطرق التوصيات إلى قضايا العمل ومجالاته، والبطالة ومسبباتها، والتعليم وتخصصاته المغلقة أمام المرأة، والشخصية المستقلة للمرأة وهي قضايا تبدو لي أكثر إلحاحًا من مسألة عمل المرأة في الافتاء أو في هيئة كبار العلماء.