إن قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم منزل في القدسالشرقيةالمحتلة رغم صدور قرار من محكمة إسرائيلية بوقف هدم المنزل، وتشريد الأسرة التي تسكن فيه بأطفالها الخمسة، ووالدهم ووالدتهم يثبت ألاّ شيء يستطيع إثناء إسرائيل عن رغبتها المحمومة في تهويد القدسالشرقية وطرد السكان الفلسطينيين منها تمهيدًا لجعل ضمها حقيقة واقعة وتكريسها عاصمة لإسرائيل في خطوة تتجاهل جميع القرارات الدولية التي ترفض مثل هذا الضم. ولعل القرار الذي اتخذه الكنيست الإسرائيلي بربط أي انسحاب من القدسالشرقية أو الجولان المحتل باستفتاء في الكنيست الإسرائيلي يليه استفتاء شعبي في حال موافقة الكنيست يوضح أن إسرائيل تتعامل مع القدس كأنها جزء شرعي من أراضيها يتطلب الانسحاب منه قرارًا تشريعيًا يليه تفويض شعبي. بينما وفي حقيقة الأمر فالقدسالشرقية أرض محتلة حسب قرارات الشرعية والمجتمع الدولي، ولا يجب ربط الانسحاب منها أو البقاء فيها بأي استفتاء، فالبقاء في الأرض المحتلة اعتداء والانسحاب منها واجب. الأسوأ أن إسرائيل ورغم معرفتها بتمسك الفلسطينيين بالقدس عاصمة موحدة لهم تسير بغطرسة في طريق ضمها وتهويدها وتعلن بالتزامن مع ذلك أنها حريصة على عملية السلام ومع استئناف المفاوضات لكن الفلسطينيين هم من يرفضها بحجة الاستيطان، كأن الفلسطينيين إن قبلوا التفاوض في ظل استمرار الاستيطان سيبقى لهم ما يقيمون دولتهم عليه. هذا الموقف الإسرائيلي ومقابله المهادنة المستمرة من أوروبا والولايات المتحدة لمثل هذا الموقف أصبح يثير السخط لدى عموم الشعب الفلسطيني ويدفعه للنظر للمفاوضات كإضاعة للوقت ومجرد جلسات حوار لن تقدم أو تؤخر، وهو ما دفع السلطة الفلسطينية لتعليقها ورفض الاستمرار فيها طالما استمر الموقف الإسرائيلي على ما هو عليه. أما ما يثير الاستغراب فهو ظن واشنطن أنها وبتقديم حوافز لإسرائيل ستنجح في وقف الاستيطان لمدة 90 يوما قد تكون كافية لخوض مفاوضات مكثفة حول الحدود النهائية، فكيف تظن واشنطن أن هذا أمر ممكن خاصة في ظل عدم وجود رغبة حقيقة لدى إسرائيل لإنهاء النزاع، وأيضا أن إسرائيل في حال تحديد هذه الحدود سوف تلتزم بها وهي ستعود بعد نهاية ال 90 يوما لنشاطها الاستيطاني المحموم ساعية لقضم مزيد من الأراضي الفلسطينية.