قامت الدنيا ولم تقعد نتيجة محاولة طالب في إحدى المدارس الابتدائية بجدة، الانتحار بإلقاء نفسه من أعلى سطح المدرسة، أثناء الفسحة المدرسية. محاولة الطالب الانتحار فاجأت جميع منسوبي المدرسة بدءًا بالطلاب، وانتهاءً بالعمال والمدرسين والإدارة، إذ عمّت الفوضى عندما شاهد الطلاب زميلهم وهو على أعلى السطح، مهددًا بالقفز، بعد أن رفض جميع محاولات المدرسين بإثنائه عن العدول عن رأيه، حتى تمكن أحدهم من الاقتراب من الطالب، وتهدئته، والإمساك به قبل أن يلقي بنفسه. القضية تستحق بالطبع قلق واهتمام المدرسة وطُلابها. لكن المثير للانتباه أن قلق المدرسة لم يكن لتقصي ومعرفة السبب الذي حدا بالطالب لمحاولة الانتحار. فعدا ما أكدته التحقيقات الأولية من أن «خوف الطالب من أحد المدرسين كان السبب في إقدامه على محاولة الانتحار»، فإن اهتمام المدرسة الأساسي كان هو معرفة «كيف فتح الطالب باب السطح، الذي كان من المفترض أن يكون مغلقًا»؟! وهذا هو الحال كما يبدو في معظم قضايانا. فليس المهم كشف عوار الحقيقة، ولكن محاولة عدم تحميل الجهة المختصة، أو كبيرها، مغبة ما يمكن أن يتأتي من مُساءلة، وتجييرها إلى طرف آخر يكون «كبش فداء» يُحمل المسؤولية. وهناك أكثر من قصة صادفتني خلال عملي الحكومي لهذا النسق من التفكير.. يتصدر أصحابها اليوم كبرى المسؤوليات الحكومية! نافذة صغيرة: (ليس المهم أن تعمل.. الأهم هو أن لا تُخطئ.. لذا فالأسلم أن لا تعمل)! صويغيات