دعت زعيمة المعارضة المؤيدة للديمقراطية في ميانمار أونج سان سو كي إلى حرية التعبير أمس وحثت الآلاف من أنصارها على الدفاع عن حقوقهم وعدم اليأس في مؤشر على احتمال أن تستمر في القيام بدورها السياسي. وقالت في أول خطاب رئيسي تلقيه بعد الإفراج عنها من الإقامة الجبرية في المنزل والتي فرضت عليها طوال سبع سنوات "الديمقراطية هي عندما يراقب الشعب الحكومة. سوف أقبل من الشعب أن يراقبني." ويمكن أن تعطي سو كي ميانمار صوتا قويا مناصرا للديمقراطية بعد انتخابات وجهت لها انتقادات واسعة النطاق وربما تعيد إشعال الجدل حول العقوبات الغربية المفروضة على البلاد الغنية بالموارد الطبيعية والتي يسكنها 50 مليون نسمة وتقع في مكان استراتيجي بين الصين والهند. وقالت سو كي إنها مستعدة لبدء حوار مع الدول الغربية لرفع العقوبات عن ميانمار -بورما سابقا- إذا رغب الشعب في ذلك، وصرحت سو كي "إذا كان الشعب يرغب حقا في رفع العقوبات.. فسوف أفكر في الأمر"، ومضت تقول "هذا هو الوقت الذي يحتاج فيه شعب بورما للمساعدة... الدول الغربية.. الدول الشرقية.. العالم أجمع... كل شيء يبدأ بالحوار." ويتوقع محللون أن تعمل سو كي مع الغرب لرفع العقوبات التي كانت تؤيدها يوما ما لكنها أصبحت تعتقد الآن أنها تضر الشعب أكثر من المجلس العسكري الحاكم. وقالت سو كي البالغة من العمر 65 عاما والحائزة على جائزة نوبل للسلام وهي تخاطب أنصارها "يتعين عليكم الدفاع عما هو صواب"، وأضافت "إذا كنا نريد أن نحصل على ما نرغب فيه.. فعلينا أن نفعل هذا بالطريقة السليمة" وهي الكلمات التي أشعلت هتافات وتصفيقا حادا خارج مقر حزب الرابطة القومية من أجل الديمقراطية الذي تنتمي إليه والذي لم يعد له وجود الآن. وأضافت سو كي "أساس الحرية الديمقراطية هو حرية التعبير." كما أبدت سو كي استعدادها للتعاون مع قوى ديمقراطية أخرى قائلة " أنا مستعدة للعمل جنبا إلى جنب مع قوى ديمقراطية أخرى في البلاد." وقالت سو كي إنها لا تشعر بأي عداء تجاه المجلس العسكري الحاكم في ميانمار الذي أبقاها رهن الاحتجاز 15 عاما من بين 21 عاما مضت وإنها لقيت معاملة جيدة أثناء احتجازها في تصريحات تلمح باستعدادها للتفاهم مع المجلس العسكري. وقال أون كيانج وهو عضو بارز في حزبها إن زعيمة المعارضة -وهي ابنة بطل الاستقلال الذي تم اغتياله الجنرال أونج سان- التقت مع دبلوماسيين امس. وتعتزم عقد مؤتمر صحفي. ولم تقدم الحكومة العسكرية أي مؤشرات على أنها ستفرج عنها إلى أن انسحبت الشرطة من خارج منزلها وأزالت الأسلاك الشائكة التي كانت تمنع أنصارها عن الوصول إلى المنزل، وقالت صحيفة (نيو لايت اوف ميانمار) التابعة للحكومة إنه تم العفو عنها بعد أن "أبدت سلوكا طيبا". ونقلت عن خين يي قائد الشرطة قوله لها إن الحكومة "مستعدة لأن تقدم لها أي مساعدة تحتاجها". ومن المتوقع أن تعيد بناء حزب الرابطة القومية من أجل الديمقراطية الذي حقق انتصارا ساحقا في انتخابات أجريت عام 1990 والتي تجاهلها المجلس العسكري الحاكم لكن لم يتضح بعد دورها بالتحديد بعد انتخابات أجريت في الأسبوع الماضي وهيمن عليها حزب مدعوم من الجيش. وحل الجيش الجبهة القومية من أجل الديمقراطية وهو أقوى قوة ديمقراطية في ميانمار في سبتمبر لعدم تقييد اسمه في الانتخابات الذي اعتبرها ظالمة وغير نزيهة. وأعلن منذ ذلك الحين الحزب باعتباره "كيانا غير مشروع" ولن يكون له أي دور رسمي في النظام السياسي الجديد. وفي أنحاء العاصمة التجارية يانجون احتفل السكان بالإفراج عن سو كي وهي متحدثة لبقة لها مقدرة فائقة على اجتذاب الحشود. وقال با اون (43 عاما) وهو صاحب كشك للمواد الغذائية "كل ما يهمنا الآن هو ما إذا كانت ستصبح قادرة على العمل من أجل سلام ورخاء البلاد... لن يكون حالنا أسوأ من ذلك"، ورغم أن ميانمار غنية بالغاز الطبيعي والأخشاب والمعادن فإنها مصنفة باعتبارها واحدة من أكثر دول العالم فسادا. وهناك ميليشيات عرقية تحمي ثاني أكبر محصول للأفيون في العالم كما أن النخبة العسكرية تحتكر الاقتصاد ويعيش نحو ثلث السكان تحت خط الفقر. وتسبب سوء إدارة الاقتصاد طوال 48 عاما من الحكم العسكري المباشر في تدمير أغلب عناصر البنية الأساسية في بلد كان من أكثر دول جنوب شرق آسيا ثراء وأكبر مصدر للأرز في العالم ومصدرا رئيسيا للطاقة. ورحب زعماء العالم -من الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وصفها بأنها بطلة إلى زعماء في أوروبا وآسيا- بالإفراج عنها لكن الكثير من الحكومات حثت المجلس العسكري الحاكم على الإفراج عن كل المحتجزين السياسيين في ميانمار الذين يقدر عددهم بنحو 2100 سجين.