عبدالمحسن القحطاني الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله يعد قامة فكرية وثقافية واجتماعية وله إسهامات كثيرة في العمل الخيري ومن عادة كثير من المسئولين أن تنطفئ شمعتهم بعد مغادرتهم للمنصب إلاّ أن الدكتور يماني كان عكس ذلك وظل حاضراً في الساحة بشكل واضح وكان متواجداً في كل مكان لأنه صنع لنفسه هذه المكانة وبأخلاقه الجميلة قبل أن يقدمها له المنصب فظل يشارك الناس ويلبّي الدعوات وله حضور فاعل ومؤثر وكأني به مالئ الدنيا وشاغل الناس. ولقد كان من المقرر أن يسجل معه التلفزيون بالأمس حلقة بعنوان سيرة أديب ولكن المرض داهمه وكانت مقالاته الأخيرة التي نشرت إلى اليوم خير شاهد على حب العمل والكتابة وكنت أشاهده قبل البارحة في مشاركة اجتماعية فهو لا يرحم نفسه أبداً في الخير وبذل المعروف للجميع وقد كانت له إسهامات أدبية في بداياته في مجال القصة والرواية ومن منا لا يعرف إبداعاته تلك. وكان رحمه الله يضع للمكان الذي يشغله نقلة نوعية بتوليه له فقد كان في وزارة المعارف ومن ثم مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز وبعدها وزيراً للإعلام وكلها كانت مناصب تحتاج إلى جهد وكان يضفي على المكان نوع من الصفاء والجد وتجد من وراءه جيل يحفظ له المعروف والجميل فقد غادر وزارة الإعلام قبل 20 عاماً ولكنه ظل حاضراً لدى الجميع بما قدمه في تلك الفترة وبما صنع من طيب ومعروف وعبارات الجمال واللطف فهو يضفي على المكان نوع من الراحة العطرة وتجده مع كل هذا متواجداً في كل مكان وأذكر هنا أنه كان عنوناً لنادي جدة الأدبي وكنا نحرص على دعوته وحضوره في كافة مناسبات النادي وكان لا يتوانى عن الحضور وإلقاء كلمة الضيوف فنعتبره الأب وهو يعطي المكان زخم وحضور وقد مات واقفاً كما يحب أن يموت الإنسان فقد كان حاضراً وفاعلاً لآخر رمق من حياته.