مواصلة لحديث الأمس نقول: كم أتمنّى أن تؤدي الغرف التجارية عندنا أدوارًا في مجال التواصل مع مَن يفد من هؤلاء الحجاج من التجار، ورجال الاستثمار والبنوك؛ لربطهم بنا. ثم إنها فرصة أيضًا لتقديم هذا الوطن في مجمله لهم.. وإننا بتوجيه هذا الإنسان الملك، خادم الحرمين أصبحنا نهتم بكل إخواننا في أنحاء العالم الإسلامي في النواحي الإغاثية والاقتصادية والمعيشية.. وكل هذا من الممكن أن يقدم لهم من خلال برامج في مراكز مؤسسات الطوافة.. بصورة منظمة وبلغات شتّى.. في إطار المنافع التي يمكن أن يشهدها هؤلاء الإخوة من الحجاج والحاجات. وهناك قضية مهمة، وهي محاولة الاستفادة من بعض العلماء الفضلاء الذين يحضرون لأداء الحج، ويمكن الاستفادة منهم بالقيام بالتدريس في الحرمين بلغاتهم تكريمًا لهم.. وربطًا لهم ولمواطني بلادهم بنا.. والاستفادة منهم لتوجيه حجاجهم الوجهة الصحيحة. ولا شك أننا إذا عدنا إلى الوراء لنستذكر كيف كان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يحرص كل الحرص على الاجتماع بالحجاج، وقادتهم، وعلمائهم في أيام خاصة لتوثيق الروابط معهم.. وعصرنا الحالي يحتاج إلى تطوير هذه الفكرة.. بحيث كل منّا يؤدّي واجبه.. ويربط حجاج بيت الله العتيق بنا، وبإخوانهم في هذا الوطن العزيز.. ومن الممكن أن يتم الاجتماع بصفوة من الحجاج من كل قارة على حدة.. أو كل لغة على حدة.. وهكذا أمر يعطيهم الفرصة، ويشعرهم أننا نفرح بهم، ونستمتع بالإصغاء إليهم، وباستضافتهم.. وهكذا يفعل العلماء، وأهل الفكر والأدب والثقافة، وعلماء الحرمين وأئمتهم.. حتى نحوّل الحج إلى لقاءات عظيمة يستمتع بها الحجاج الوافدون من كل حدب وصوب. وهناك من العقلاء مَن ينظر بعمق إلى الحج على أنه ليس عبادة عابرة تقتصر على الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، وبقية المناسك.. ولكن ينظر إلى أعماق أخرى له في إطار {وليشهدوا منافع لهم}، وأهمها تعريف الدول الإسلامية بنا، وبهذا الوطن.. وتعريفهم ببعضهم البعض من مفكرين، وعلماء، وأدباء، وشعراء.. وكأننا نتيح لكل دولة إسلامية أن تقدم نفسها في هذا الموسم.. وفي هذا منفعة عظيمة نستفيد منها من هذا الموسم الذي أكرمنا به سبحانه وتعالى، وجعله يتكرر عندنا كل عام.. ولابد من تفكير جاد في تطوير المنافع. ولعلنا في ختام هذا الحديث نقول إن قضية الاستفادة من موسم الحج قضية جوهرية ومهمة، ولابد من النظر اليها بعمق أكبر.. لأنه قد آن الأوان للاستفادة الفاعلة من هذا الموسم العظيم.. وليتنا نستفيد من القنوات التلفزيونية في أنحاء العالم بلغات مختلفة لتوظيف هذه القنوات للإعلام عن هذه المشاعر.. ونؤكد على عالمية هذا الدين بصورة تصل إلى عقول الناس وقلوبهم من المسلمين، ومن غير المسلمين.. لأنها شعيرة عظيمة.. وفيها الكثير من الأسرار، والفضائل، والتأريخ العميق، والتراث، والأحداث.. فكلّما قدّمناها بصورة تتفق مع العصر واستخدمناها لإلقاء الضوء من خلالها على جوانب من هذا الدِّين، استطعنا إيصال رسالة هذا الدِّين الحنيف. والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل..