المَرأة، هَذا الكَائن الذي حيّر العَالَم العَربي، فارتبكَ في التَّعامل مَعه، فطَفق يَتردَّد هُنا وهُناك، بَاحثاً عن مَخرج لَطيف، ليُحقِّق تَوازناً بين مَن يَقول: «إنَّ للمرأة ثَلاث خَرجات، مِن بَطن أُمّها للدُّنيا، ومِن بيت أبيها لبيت زَوجها، ومِن بيت زَوجها للقَبر، وبين مَن يُريدها مَتاعاً رخيصاً، يَأخذ مِنها مَا يَشاء، ثُمَّ يَدعها في ظُلماتِ الوحدة والحيرة، لا تَألو عَلى شَيء..! دَائماً يُحبُّ العَربي أن يكون وصيًّا على غيره –وبالذَّات على المَرأة– فكُلّ الذين يَتحدَّثون عَن الجنس اللطيف هُم مِن الجنس الخشن، لكن لماذا لا تُترك المرأة لتَرعى وتَتحدَّى، وتُناقش أوضاعها بنَفسها دون تَدخُّل مِن سي السيد..؟! لنَنظر إلى التَّاريخ العربي بشقهِ الإسلامي، لنَرى عَمل المَرأة، ولنَأخذ مِثالاً وَاحداً..! السيّدة «خديجة بنت خويلد» –رضي الله عنها– كانت أوّل سيّدة أعمَال في الإسلام، وكان سيّد الخَلق يَعمل أجيراً في قصّة يَعرفها كُلّ القُرَّاء، والسُّؤال: لماذا وُئدت هذه التّجربة ولم تَتواصل..؟! لماذا كَانت المَرأة التي رَدَّت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه –وقال المُؤرّخون أخطأ عمر وأصابت امرأة– «فريدة ولم تَتكرَّر»..؟! لماذا يَتم الحَديث عن المَرأة بكُلِّ استحياء وخَجل، في حِين ذَكر القُرآن الكريم اسم مريم ابنة عمران -وأشار إلى أكثر الأعضاء خصوصية- ليكون قرآناً يُتلى إلى يوم يُبعثون..؟! لماذا يَتجاهل القَوم نَجاحات المَرأة المُتواصلة، التي تَدلُّ عَلى أنَّها قَادمة بقوّة، شَاء مَن شَاء، وأبى مَن أبى..؟! لماذا كُلّ الذي نُفكِّر فيه لا يَتجاوز مُكافحة الاختلاط، وكَأنَّ المَرأة في حالة الاختلاط ستَكون لعبة بيدِ الآخرين، أعني كأنَّها زَهرة رَقيقة لا تَعرف إلَّا الانقياد، ولا تَقدر على التَّفكير والتَّمييز والإدراك..؟! آلاف النِّساء اختلطن وعَملن ودَرسن، وأصبحن أُمَّهات نَاجحات، وسيّدات أمينات عَلى أنفسهن وعفّتهن، وتَصرَّفن كأشقائهن الرِّجال، إن لَم يَكن أفضل، هل أُذكِّر بآخر نَجاحات المَرأة المواطنة التي تحققت..؟! إنَّها صَاحبة المَنصب العَالمي، أعني السيّدة الدّكتورة «ثريا عبيد» المدير التنفيذي لصندوق الأممالمتحدة للسكان والأمين العام المساعد للأمم المتحدة.. وكذلك السيّدة «نورة الفايز»، التي تَشغل منصب نائب وزير التربية والتعليم..! بَعد كُلّ هَذا، أقول بارتياح عريض إنَّ المَرأة قَادمة.. أقول ما أقول مُستنداً عَلى مَا ذَكرته هذه الجريدة، منذ ما يقرب من ست سنوات في عَددها 15094، بتاريخ 20/8/2004م بأنَّ (مَجموع الشَّركات التي تَمتلكها سعوديّات، قد بلغ خَمسة عَشر ألف شَركة، أي مَا يُعادل 43% مِن حَجم الأعمال المُسجَّلة رسميًّا)..! وجَاء في الخبر أنَّ أنشطة هذه الشَّركات (تَتنوّع بين الصّناعات الخَفيفة، وتَمتد لتَشمل الشّركات ذَات الوزن الثَّقيل)..! وقال الخبر: (إنَّ عَدد النِّساء المُسجّلات قُدّر بحوالى 2400 امرأة)..! تَأمَّلوا الخَبر، فإنَّه يَحمل بين سطوره الكَثير مِن البَشائر، لأنَّ المَرأة أكثر جدّية، وأعظم عَزيمة، وأسرع صموداً مِن ابن عمها الرَّجُل..!. أحمد عبدالرحمن العرفج [email protected]