الملك وولي العهد يعزيان رئيس الصين في ضحايا حريق مجمع سكني بهونغ كونغ    الأهلي يكسب القادسية ويتأهل لنصف نهائي كأس الملك    ركلات الترجيح تقود الأهلي للتفوق على القادسية في كأس الملك    الدول الأعضاء في منظمة UNIDO تعتمد يوم 21 أبريل "اليوم العالمي للمرأة في الصناعة"    روسيا: فضائح الفساد في أوكرانيا تقوض عملية السلام    إحباط تهريب (15) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر في جازان    قطر تستضيف كأس الخليج العربي تحت 23 عامًا    أمانة جازان تنفّذ مبادرة للتشجير ضمن حملة "تطوّعك يبني مستقبل" لتعزيز جودة الحياة    حاضنة مأمني الإبداعية توقع اتفاقية تعاون مع جمعية "معًا" لإطلاق نادي إعلامي واحتضان الفرق التطوعية    بلدية أبوعريش وجمعية أثر تنفّذان مبادرة لتطوير السلامة المرورية وتحسين المشهد الحضري    نادي ثَقَات الثقافي يُكرّم صحيفة الرأي الإلكترونية    «نور الرياض».. خمس سنوات من الإبداع    أسماء عالمية تشعل ربع نهائي كأس الملك وتُبرز ثِقل المدارس التدريبية    الأولمبياد الخاص السعودي يشارك في كأس العالم لكرة السلة الموحدة    تحت شعار "صحة روح"… جمعية روح الصحية تنفّذ برنامج الفحص المبكر عبر تحاليل الدم بمحافظة العارضة    القيادة تهنئ رئيس ألبانيا بذكرى استقلال بلاده    أمانة الشرقية تنفّذ تجربة فرضية للتعامل مع حالات انهيار الأنفاق    اللواء محمد الهبدان يجري عملية قلب مفتوح ويشكر سمو وزير الداخلية على متابعته المستمرة    إيلارا... منصة عربية تحتفي بإبداعات الشباب وتطلق ست فئات للمنافسة    الأحساء أنموذجا للتنوع الثقافي عربيا    الشيخ أسامة خياط يدعو إلى الأخوّة واجتناب الإيذاء ولزوم القول الحسن    الشيخ خالد المهنا يبين منزلة الصبر وفضله في حياة المؤمن    زلزال بقوة 5.1 درجة يهز وسط إيران    سعر اوقية الذهب يرتفع الى 4189.61 دولار    رحيل دوفرينيس عن تد ريب الباطن    الشباب يُحدد موقف حمدالله    وزارة الاتصالات تختتم هاكاثون الذكاء الاصطناعي التوكيلي agentx    بوتين: روسيا ستوقف القتال إذا انسحبت أوكرانيا من أراض تطالب بها موسكو    نائب أمير حائل يرفع شكره و امتنانه للقيادة    إجازة الخريف تسجل أسعارا فلكية للفنادق والطيران    الرياض تستضيف المؤتمر الدولي للتعليم والابتكار في المتاحف    جازان تودع شاعرها المدخلي    مقاربة أمريكية إسرائيلية لتفادي الحرب المباشرة مع إيران    الأمين العام لمجلس الشورى يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تمديد خدمته أمينًا عامًا للمجلس    تجمع الرياض الصحي الأول يعزّز جاهزية الرعاية الصحية في معرض الطيران السعودي 2025    بدر الشهري مديرًا لإدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة    السيف العقارية تستحوذ على أرض صناعية في الظهران بمساحة مليون م2 وبقيمة تتجاوز 430 مليون ريال    حوارات تحت سقف واحد.. بين الفردية وشراكة الحياة الزوجية    هيئة تنظيم الإعلام تحيل 6 أشخاص إلى النيابة العامة بسبب نشر محتوى يؤجج الرأي العام    "التخصصي" يستضيف قمّة التعاون في الجراحة الروبوتية بالرياض    علماء صينيون يطورون لسانا اصطناعيا لقياس مستوى الطعم الحار    وسط خلافات مستمرة حول بنود حساسة.. الكرملين يؤكد استلام النسخة الجديدة من «خطة السلام»    تقمص هيئة والدته «المتوفاة» لأخذ معاشها    تشمل خمس قرى وتستمر لعدة أيام.. إسرائيل تطلق عملية عسكرية واسعة بالضفة الغربية    استعرضا عدداً من المبادرات والمشروعات التطويرية.. أمير المدينة والربيعة يناقشان الارتقاء بتجربة الحجاج    عبر منظومة خدمات لضيوف الرحمن.. الحج: 13.9 مليون مرة أداء للعمرة خلال جمادى الأولى    وسط تحذيرات إسرائيلية من تصعيد محتمل.. اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص    «الثقافة» تعزز الهوية الوطنية في المؤسسات التعليمية    أكد أن مؤتمر «حل الدولتين» حقق نجاحاً كبيراً.. الدوسري: توظيف العمل الإعلامي العربي لخدمة القضية الفلسطينية    خلال المؤتمر العالمي ال48 في جنيف.. السعودية تحرز 18 جائزة دولية عن تميز مستشفياتها    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح أوروبا    الباحة تقود الارتفاع الربعي للعقار    ملف الرفات وتحديات الهدنة: تبادل هش ومصير معلق في غزة    إتاحة التنزه بمحمية الطوقي    المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب يعقد أعمال دورته ال21    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية الفلبين    خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة باجتماع مجلس الدفاع المشترك.. تعزيز التعاون العسكري والدفاعي بين دول التعاون    موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الثورة الرقمية.. والمسرحيات التفاعلية.. المسرح مرشّح لتحولات جذرية في بنيته
نشر في المدينة يوم 27 - 10 - 2010

الثورة الرقمية حقيقة ثابتة نعيشها وتلقي بظلالها على كل مناحي الحياة..
ويأتي المسرح.. أحد تلك الجهات التي تسعي للتأقلم مع شروط ما بعد الحداثة بكل تمفصلاتها الفكرية وتمظهراتها التكنولوجية، لذا نجد -وإن ببطء- أن روّاد الفن الرابع (كتّابًا ونقادًا ومخرجين وممثلين وتقنيين ومتابعين) يسعون لبناء علاقة من نوع ما مع الشبكة العنكبوتية وصفحات الويب، الأمر الذي أدى لظهور عدد لابأس به من المواقع الإلكترونية المعنية بالمسرح في السنوات الأخيرة على الإنترنت.
ولأن هذا التوجه لا يمثّل كل ما يمكن طرحه حول المسرح والرقمنة وشيوع الثقافة الإلكترونية وتأثيرها في المسرح، فإن رواده لم يكتفوا بتلك المواقع المتوفرة على الفيس بوك والمنتديات، بل أطلت برأسها نظريات وممارسات ونصوص اتخذت من العالم الرقمي ميدانًا لها وصدرت كتب تتناول هذا الجانب ومن أبرزها كتاب “المسرح والعالم الرقمي.. الممثلون والمشهد والجمهور” لمؤلفه انطونيو بيتزو الذي تتحول المسميات الاصطلاحية عنده في إصداره هذا، فنراه يبدأ بمسرح الحاسوب لينتقل إلى “الممثل الرقمي” و“العرض الافتراضي” و”الفضاء الإلكتروني المسرحي” و”العرض المسرحي الرقمي” مرورًا ب “مسرح الإنترنت” و”عروض أون لاين” ليصل إلى “التجريب المسرحي الرقمي” و”العرض الكوني”، مما يؤكد أن هناك رهانات تؤكد أن المسرح مرشّح لتحولات جذرية في بنيته انطلاقًا من أنه ليس نسقًا مغلقًا على ذاته ولا هو بمنأى عن التأثر بالثورة الرقمية التي تجتاح كل ما حولنا، بل بمجرد اجترارنا لهذه المصطلحات المستحدثة يتأكد لنا أننا نقف على عتبات ممارسة مسرحية لا ترتهن إلى التقليدية والماضوية التي ألفناها طويلًا.
بل إنني هنا على يقين أن المسرح في حاجة ماسة للتماهي مع ثقافة العصر واستجلابها وكسر العزلة التي يعيشها حتى لايتحول كائنًا جامدًا في وسط عالم متغيّر حتى لا تحجب عنه تلك العزلة الاستفادة من تلك التحولات، وكانت برنيدا لوريل قد اقترحت “الحاسوب كمسرح” مستنجدة بشكسبير ومقولته: ((ما الدنيا إلا مسرح كبير ))، لتصل إلى نتيجة: “إن كل عالم الحاسوب يتجسّد كخشبة مسرح ضخمة لأدائنا”، وموضحة الحالة التفاعلية الناتجة عن استخدامنا للحاسوب ومعتمدة على مرجعية ثقافية نفسية وهندسية معلوماتية والجمع بينهما في محاولة لتبني مقولة شكسبير الشهيرة.
بدأت المحاولات فعلًا في كتابة نوع من المسرحيات بمشاركة عدد كبير من الكتّاب والمهتمين على شبكة المعلومات، وقامت بترجمة مصطلحه الدكتورة فاطمة البريكي وأسمته “المسرحية التفاعلية” (Interactive Drama) في مقالة لها بالعنوان نفسه، وهذا النوع من المسرحيات التفاعلية متوافر حاليًا على الشبكة العنكبوتية، ورائد المسرح التفاعلي كتابيًا هو تشارلز ديمر الذي دشن مرحلة جديدة من الكتابة عندما قصر وظيفة الكاتب الأول على عملية البدء بالمراحل الأولية لأحداث النص المسرحي حكاية وشخصيات ليترك الجميع في محاورة تفاعلية غير منتهية مع مسرحيته، وهذا ما أشارت إليه البريكي في إحدى مقالاتها بوصفها المسرحية التفاعلية على أنها “نمط جديد من الكتابة الأدبية يتجاوز الفهم التقليدي لفعل الإبداع الأدبي الذي يتمحور حول المبدع الواحد، إذ يشترك في تقديمه عدة كتّاب، كما قد يدعى القارىء/ المتلقي أيضًا للمشاركة فيه”.. وهنا يظل بديهيًا القول إن هذه الممارسة تقضي على مصطلح “أفق الانتظار” وأن مسرحية بهذه المواصفات لا يمكن تقديمها على خشبة المسرح ولا يمكن قراءتها أو التفاعل مع مجريات أحداثها الأولية والتكميلية التي قام الآخرون بتأليفها إلا عبر شاشة الإنترنت الرقمية.
كل هذه الأطروحات والممارسات ظلت رؤى ومحاولات لتسخير الرقمية في خدمة المسرح لكنها لم تجرؤ على اقتحام المسرح كممارسة فعلية عبر تبنّي نظرية مسرحية وتجارب عملية وعروض حقيقية تقدم للنظارة والمتابعين، حتى أتت تجربة “المسرح الرقمي” التي بشّر بها الدكتور محمد حسين حبيب، وهنا أظنه يلزمنا التعريف بالحالة المسرحية التي استحدثها لكونها تجربة جريئة وحديثة ولعل الكثير لم يتعرّف عليها -رغم جدتها-، وباختصار شديد نقول عنها: إنها لم تكن “مسرحية على إطارها الشكلي المألوف” من خشبة مسرح وجمهور، بل كانت مقهى في بلجيكا، وآخر في بغداد، وعدد من الأجهزة (كمبيوتر- أجهزة إضاءة- ساحة المقهى هنا وهناك)، ثم فريق هنا للمشاركة والمتابعة. وقُدمت بالفعل في 20 مارس 2006م.
ورغم أن هذه التجربة كما يقول عنها سباعي السيد (مؤسس ومدير موقع المسرح دوت كوم): إنها مازالت غير واضحة المعالم بل إنها ماتزال موضع حوار وتأمّل بوصفها من المستحدثات لاستكناه إمكاناتها وطاقاتها، إلا أنها من وجهة نظري شكّلت مرتكزًا لهذا النوع من المسرح، بل إنها محاولة جادة وجريئة خصوصًا إذا ما أستحضرنا حقيقة “ضعف خبرات المسرحيين الظاهر في الإلمام بكل ما يمكن أن تقدمه التقنية الرقمية وما تفرزه من نتاج يمكن أن يهب المسرح أنواعًا جديدة من أشكال التعبير الإبداعي تجمع ما بين الفنون التقليدية والرقمية.
ويُحسب لحبيب أنه بنظريته المستحدثة -التي يمكن أن نصفها هنا بالمسرحية الرقمية- حاول بجدية أن يقتحم الإبداع الرقمي، هذا الاقتحام الذي يعد مدهشًا، نظرًا لما هو معروف وراسخ من كون المسرح هو “الكلمة/ الحوار” حسب القواعد الأرسطية. إلا أن محاولة الدكتور محمد حبيب وأصدقائه في بلجيكا من العرب والبلجيك، أعطى للتجربة أهمية مضافة.
وبحسب المتابعون، ومنهم جميل حداوي، أن “تجربة المسرحية الرقمية” خلقت حالة وفتحت آفاقًا، بل إنها كما يقول حداوي: ((قد أتاحت عددًا من الخصائص بتوفيرها مناخ المشهدية الواقعية في العمل، سواء بإجراء مشاهد رقص وغناء، وتوظيف الإضاءة لتحقيق ما يرجوه المخرج (رؤيته)، وحاولت إتاحة الفرصة لتوظيف “مكان” التلقي في تجسيد فكرة المسرحية أو الديكور.. فضلًا عن كونها حاولت المزج بين الآلية (جهاز/ أجهزة الحاسوب) والعنصر البشري (الممثل/ الممثلون)، ومثل هذه الممارسة المسرحية تأخذنا نحو التفكير في إمكانية استبدال حضور الممثل جسديًا -كليًا أو جزئيًا- على خشبة المسرح بعنصر ديناميكي من نوع آخر (دمية آلية.. أو روبوت كما فعل اليابانيون في أحد العروض حيث يقوم الروبوت بأدوار ومشاهد واسكتشات أو حتى صورة ثلاثية البعد تحل محل الممثل). كما يمكن أن تكون المؤثرات التقنية في المشهد المسرحي بديلًا تقنيًا يلغي وجود الممثل.. وهنا تتغيّر وظيفة الممثل على خشبة المسرح في هذه الحالات، حيث الأمر يتعلق بتطوير نوعي بوجود الممثل الرقمي أو إدخال نوع من الذات الأخرى الإلكترونية كبديل عنه، مما يعني غياب العرض المسرحي بصورته التقليدية.
ولربما تأتي هذه النبوءة عبر إيجاد بديل إلكتروني له كما تبشّر بذلك أحدث الممارسات المسرحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.