أعلنت اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ خلال الأيام الماضية، وبعد اختتام فعاليات الدورة الرابعة، أنها ستركز في العام المقبل (الدورة الخامسة) على عرض المنجزات التي تتعلق بمستقبل الإنسان، وأن عكاظ ليس للشعر وحده، بل للثقافة والتجارة والتقنية، كما أن عكاظ ليس للماضي فقط بل ليومنا ومستقبلنا. وهذا ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ، فقد أشار إلى أن الإقبال الكبير الذي شهده سوق عكاظ هذا العام يشجع على عرض المنجزات التي تتعلق بمستقبل الإنسان ومنها إنجازات التعليم العالي، كما أكد على أن عكاظ ليست للشعر وحده، بل للثقافة والتجارة والتقنية، كما أن عكاظ ليس للماضي فقط بل ليومنا ومستقبلنا، وهذا يتطلب أن تقدم السوق للوطن وللعالم الأفكار الثقافية والفنية والتقنية التعليمية الجديدة، وبالتالي فقد تقرر أن نجد من ضمن فعاليات السوق للعام المقبل برنامجاً موازياً للبرنامج الثقافي يركز على مستقبل الإنسان. كما بيّنت اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ أن مشاركة وزارة التعليم العالي والجامعات السعودية في سوق عكاظ في العام المقبل ستكون حاضرة وبقوة. ومن خلال هذا التصريح تتضح الرؤية الجديدة التي يمكن أن يكون عليها سوق عكاظ في الدورات المقبلة، ومدى التخطيط المبكر لما يطمح أن يصل إليه السوق خلال الفترة المقبلة، كما أن الاستفادة من هفوات الأعوام والدورات الماضية لابد أن يكون نصب أعين المنظمين والمشرفين حتى تتلافى، ولا تتكرر. جريدة “المدينة” حرصت ومن هذا المنطلق على أن تكون حلقة وصل بين المثقفين والأدباء والمهتمين، ليطرحوا من خلالها أبرز الأفكار والاقتراحات التي ترى مناسبة توفرها في السوق مستقبلاً، مع الإشارة إلى ضرورة تحقيق التوأمة بين الماضي والحاضر والمستقبل. فإلى مجمل هذه الآراء: التركيز على الشباب بداية نوّه الناقد الدكتور صالح الزهراني (أحد المشاركين في دورة سوق عكاظ لهذا العام) بأنه سبق وذكر في وقت سابق أن قصائد الشعر وطرفة بن العبد والنابغة لن يدخلونا عصر السباق المعرفي الجديد فقد آن لنا أن نخرج من عباءة الشعر التي أفسدت كثيراً من جماليات وعْينا وتحوّلنا إلى أكبر حاضنة لقصائد المديح وثقافة التزلف. وقال: سوق عكاظ كان منطقة حرة للوعي والتجارة والسياسة والتطلعات ويجب أن يكون هناك محاور كل عام يناقش في السوق بحيث تكون الفعاليات حافلة بالبرامج المميزة، ونحن نريد أن يبدأ السوق في طرح فكرة أن نجد لدينا عاما لثقافة الشباب وإبداعاتهم، وعاماً آخر للفن التشكيلي، وعاما آخر للمسؤولية الاجتماعية، وعاماً آخر للمرأة السعودية، وعاماً للصناعات السعودية، وعاماً للجامعات السعودية، وعاماً للثقافة العلمية، وهكذا. وأضاف الدكتور الزهراني: أنا أركز على الشباب لأننا نريد أن يظهر الشباب ولو لعام واحد، أن يخطط، ويبدع وينفّذ، ويحاضر، وينشد، فهذا السوق يجب أن يكون نافذة للجميع وبالتحديد لللشباب. توأمة الماضي والحاضر أما الكاتب والباحث الدكتور زيد بن علي الفضيل فيؤكد بلا شك أن مهرجان سوق عكاظ آخذ في التطور من دورة إلى دورة، ويتصور بأن حال التطور مستمر فيه مع كل دورة يعقدها، والمرجو أن يكون هناك تطور استشرافي للمستقبل، لا ينحصر فقط في محاولة تلافي الأخطاء في الدورات السابقة، كما لم يعد مقبولاً من السوق أن يتراجع، بل المؤمل أن يقفز من الناحية التنظيمية قفزات عظيمة، ولا ضير في الاستعانة بشركات الخبرة في هذا المجال للظهور به في أبهى حلة، خاصةّ وأنه يمثّل وجدان كل العرب الثقافي. وعن كيفية تحقيق التوأمة بين الماضي والحاضر والمستقبل في سوق عكاظ، يرى الدكتور الفضيل أن إقامة السوق وإحياء فعالياته الثقافية والتراثية في حد ذاته يمثّل حالة من التوأمة المعاصرة بين الماضي الذي يعنيه اسم سوق عكاظ، وبين الحاضر الذي يمثّله السوق في الوقت الراهن بشخوصه وتجلياته الإبداعية، كما يصبّ ذلك في استشراف حضاري للمستقبل الذي ينطبع في ذاكرة النشء وهم عمود ارتكاز المقبل ثقافياً وحضارياً. وعن حضور الجامعات السعودية في سوق عكاظ، قال الدكتور الفضيل إنه يؤمن يقيناً بأن الجامعات باعتبارها المحضن الرئيسي للفعل المعرفي في الوقت الراهن فسيكون لها الدور الفاعل في تنشيط فعاليات السوق من مختلف الزوايا، وبخاصة في ما يتعلق بالدراسات الإنثروبلوجية والدراسات التاريخية علاوة على الدراسات الاجتماعية، حيث يمثّل السوق بما يمكن أن يحويه مستقبلاً مركزاً طبيعياً لممارسة تجربة المحاكاة العلمية التي يحتاج إليها الطالب، خاصةً وأن السوق يقام في نفس الموقع التاريخي، ويعكس أبعاده الجغرافية نفسها بصورة أو بأخرى، وأنا أرى أن مشاركة الجامعات بشكل عام في المملكة بداية سيحفّز الجامعات العربية للمشاركة في قابل الأيام، كما سيعطي زخما ثقافيا علميا للسوق بوجه كليّ، وهو ما سيزيد من أهميته على الصعيد الحالي والمستقبلي. وشدد الفضيل على أن يُنظر إلى مهرجان سوق عكاظ بوصفه مهرجانا كرنفاليا يحتفي فيه الإنسان العربي بشكل مطلق بثقافته وتراثه المتنوع، وبالتالي فالأمر لا يقتصر على الجوانب الثقافية البحتة من إلقاء محاضرات أو عقد أمسيات شعرية، بل يتعدى إلى إقامة السهرات الفلكلورية العربية على نطاقها الواسع، ممثلةً بالعديد من الفرق من مختلف البلدان العربية، لتقوم كل فرقة بإحياء تراثها المحلي الشعبي على أرض الآباء والأجداد في سوق عكاظ، لاسيما إذا ما عرفنا أن كثيراً من الهجرات العربية القديمة قد استوطنت الآفاق وشكّلت نمط حياتها في كل الأقطار العربية من الماء إلى الماء، وأما على صعيد الإعلام الثقافي، فأتمنى أن يراعى اختيار النخبة الإعلامية التي سيوكل إليها تغطية فعاليات الحدث بعناية بحيث تتوفر فيهم علاوة على الملَكة الإعلامية والمعرفة الثقافية الشاملة التي تستطيع أن تواكب حدثا عربيا مهما بحجم مهرجان سوق عكاظ في الذاكرة القومية، كما يمكنها أن تعكس طبيعة تطور الوعي الثقافي لدينا في المملكة باقتدار وجودة. الإنسان مستقبل عكاظ الناقد الدكتور حسن بن حجاب الحازمي يرى أن أهمية سوق عكاظ اليوم تأتي من كونه ملتقى شعرياً وفنياً وتاريخياً فريداً من نوعه، يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة، آنسين بالعروض الشعبية الأصيلة، ومنصتين إلى الكلمة الشاعرية العذبة، ومستمتعين بالقيمة المعرفية والثقافية التي يقدمها السوق من خلال ندوات السوق ومحاضراته وفعالياته، وتتنوع الأنشطة في سوق عكاظ لتقدم للزائر مهرجاناً ثرياً في محتواه، يعيد تأصيل القيم الأخلاقية والتاريخية والثقافية لدى العرب، باتصاله بسوق عكاظ التاريخي الذي مثّل هذا الدور لدى العرب وقبائلها. وبيّن الدكتور الحازمي أن على السوق في الدورات المقبلة أن يهتم بشكل أكبر بجادة عكاظ وأن تكون برؤية حضارية أكبر مما كانت عليه في السابق، كما ينبغي أن تدعم بالبرامج والفعاليات الثقافية والتراثية والتي من شأنها أن تستقطب الحضور، وأن تحرص اللجنة الإشرافية على السوق على جذب فئات الشباب من خلال العديد من البرامج التي تتواءم مع عصرهم، وتحظى باهتمامهم، مثل المسرحيات المتعددة، والاهتمام بالجانب السينمائي. كلية عكاظ للتسويق ويرى الناقد سعد بن سعيد الرفاعي أنه يجب البحث عن المشترك.. والمشترك يتمثّل في فكرة السوق والتسويق ذاتها، فسوق عكاظ كان مجالاً لتسويق الأدب والثقافة والقيم والشجاعة وهي نفس الفكرة التي عاد بها السوق.. ثم واصل الأمير الفيصل التطلع لتعميم فكرة التسويق نفسها على مستقبل الإنسان وذلك عبر قيم ومبادئ وأفكار يتم التسويق لتبنيها تطلعاً لبناء إنسان عصري.. كما أن الجانب الآخر المشترك يتمثّل في المثاقفة.. والمثاقفة لا يمكن أن تتم بمفرد عن الآخر.. ولهذا فإنني أتطلع إلى إنشاء كلية عكاظ للتسويق تحت مظلة إحدى جامعات التعليم العالي.. كما أتطلع إلى توسيع دائرة المشاركة لتشمل وزارات أخرى كوزارة العمل ووزارة التجارة ووزارة الصناعة وذلك لما لها من صلة مباشرة ببناء الإنسان ومستقبله، ولأن خدمة المجتمع إحدى المهام الأساسية للجامعات فإنها معنية بالأطروحات الفكرية التي تشخّص معوقات البناء قدر عنايتها بالدراسات المستقبلية لآفاق تنمية الإنسان وتطوره ورفاهيته ويمكن للتعليم العالي اعتماد مركز عكاظ للفكر والتنمية يتمحور نشاطه حول قضايا التنمية المستقبلية للإنسان عامة ويكون مقره الدائم في الطائف.. كما أن الوزارات المقترح ضمها للهيئة العليا للسوق معنيّة باستقطاب الشركات والمؤسسات والمراكز الفكرية و الإبداعية والمبتكرة لعرضها في السوق وتسويق ما لديها من جديد، كما أتطلع إلى مساحات خضراء تفسحها الجامعات لشبابها وطلابها ليقولوا ما يريدون ويدوّنوا رسالتهم العكاظية بما يرغبون، فالشباب هم المستقبل، والجامعات هي المحاضن الطبيعية لهذا المستقبل، ولكم أتمنى أن أشاهد اللجان المنظمة وقد استفادت من شباب الجامعات في تنظيم السوق. ويضيف الرفاعي: ولأن للشعراء قدرة على الاستشراف المستقبلي وقراءته فإنني أتمنى لو تم استدعاؤهم لطرح مالديهم شعرا ونثرا عبر مسابقات ومناشط أدبية تتمحور موضوعاتها حول مستقبل الإنسان.. أما فيما يختص بالبرنامج الثقافي فقد سبق عرض بعض الأفكار حيالها ومنها: توسيع دائرة المسابقات.. ومنها كذلك اعتماد دراسات بحثية تعنى بالتراث وتنقيحه ولعل مشاركة الجامعات سيفعّل هذا الجانب.. وكذلك طباعة ديوان شعري لشاعر شباب سوق عكاظ، ومسابقة لأفضل ديوان شعري في العام السابق للسوق، وتبنّي فكرة إصدار سلسلة كتب ثقافية تحت عنوان “كتاب عكاظ” وتفعيل فكرة وفود القبائل قديماً بوفود ثقافية على المستوى المحلي والعربي والعالمي تشارك بفعالياتها طوال فترة السوق.. كما يمكن تفرّع جادة عكاظ الرئيسية إلى فروع جانبية متعددة ولتصبح هناك جادة ثقافية لكل محافظة من محافظات منطقة مكةالمكرمة.. مع التأكيد على أن ما سبق لا يعدو كونه وجهة نظر ليس إلاّ. -------------------------- أبرز الأفكار والمقترحات المأمولة من سوق عكاظ مستقبلًا أبرز النقاط والأفكار والمقترحات التي قدمها المثقفون والمأمولة من سوق عكاظ، تتلخص في التالي: * الدخول في عصر السباق المعرفي الجديد. * أن تكون هناك محاور محددة تناقش في السوق في كل عام. * أن يكون لدينا عام لثقافة الشباب وإبداعاتهم، وعام آخر للفن التشكيلي، وعام آخر للمسؤولية الاجتماعية، وعام آخر للمرأة، وعام للصناعات، وعام للجامعات السعودية، وعام للثقافة العلمية.. وهكذا في كل عام. * أن يظهر الشباب ولو لعام واحد في السوق وذلك بأن يخطط ويبدع وينفّذ ويحاضر وينشد. * مشاركة الجامعات السعودية سيكون له الدور الفاعل في تنشيط فعاليات السوق من مختلف الزوايا، وبخاصة فيما يتعلق بالدراسات الإنثروبلوجية، والدراسات التاريخية علاوة على الدراسات الاجتماعية. * إقامة السهرات الفلكلورية العربية على نطاقها الواسع، ممثلةً بالعديد من الفرق العربية. * يجب أن يراعى اختيار النخبة الإعلامية التي سيوكل إليها تغطية فعاليات الحدث بعناية. * لا بد أن يمتد السوق من الماضي إلى المستقبل مروراً بالحاضر، وأن تشترك كل هذه المعطيات في تفعيل دور السوق التراثي والإنساني والثقافي وحتى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. * الإنسان هو الركيزة الأساسية ولب البناء لقيام أي حضارة على وجه الأرض، فينبغي الاهتمام به. * الحرص على جذب فئات الشباب من خلال العديد من البرامج التي تتواءم مع عصرهم، وتحظى باهتمامهم، مثل المسرحيات المتعددة، والاهتمام بالجانب السينمائي. * إنشاء كلية عكاظ للتسويق تحت مظلة إحدى جامعات التعليم العالي. * توسيع دائرة المشاركة لتشمل وزارات أخرى مثل: العمل والتجارة والصناعة وذلك لما لها من صلة مباشرة ببناء الإنسان ومستقبله. * إنشاء مركز عكاظ للفكر والتنمية يتمحور نشاطه حول قضايا التنمية المستقبلية للإنسان عامة ويكون مقره الدائم في الطائف. * استفادة اللجان المنظمة من شباب الجامعات في تنظيم السوق. * تبني فكرة إصدار سلسلة كتب ثقافية تحت عنوان «كتاب عكاظ». * تفعيل فكرة وفود القبائل قديماً بوفود ثقافية على المستوى المحلي والعربي والعالمي تشارك بفعالياتها طوال فترة السوق.