أنا شخصيًا لا أتقبل فكرة شرب حليب النوق بدلًا من البيبسي.. ولا التنقل في هودج على ظهر البعير كونني أفضل مقعدًا لبي إم أو حتى رانج روفر. ولا أعتقد أنك أيها القارئ تحبذ فكرة السكن في خيمة تجلدك سياط الشمس بعيدا عن بيتك المكيف حتى زاوية الحمام. الحيسة عوضا عن الجلاكسى؟.. لا تقارن رعي الغنم كحرفة بديلة لإدارة الشركات والمقاولات؟.. لا أعتقد السهر في حلقة اجترار للشعر بدلا من شاشة النت المتوهجة !!..... مملة إلى آخر ما هنالك من كوابيس يجرها علينا عشاء عربي دسم ثقيل، يدعونا إلى هاجس وتساؤل... ماذا بعد النفط؟ ماذا بعد أن نتوقف حتى نأكل من تحت أقدامنا.. هناك حيث تفسخت جثث أناس عاشوا قبل ألوف وربما ملايين السنين حيث تحولت عظامهم وأجسادهم بفضل خمائر الأرض إلى بترول كما ورد في كتاب أصل النفط.. نعم نحني رؤوسنا لنأكل من تحت أقدامنا ثم نرفعها عاليا بزهو غريب ليرى العالم كله كيف نجتر ما أكلنا، نأكل من لحوم وجلود أجدادنا بل نبيعها لنشتري حقائب مصنوعة من جلود التماسيح والأفاعي... أو حتى نشتري بها جلابيب من الحرير الطبيعي كنوع من العرفان بالجميل... صحيح أننا بعنا عظامكم... لكننا ما زلنا نحافظ على جلابيبكم..!! مجرد التفكير بما ستؤول إليه هذه الأبراج والمعامل والشركات والمولات والفنادق بعد أن نلتهم آخر قطرة سوداء يصيبني دوار يجعلني أستحضر كل هذا الكم الهائل من التشاؤم الذي أصر على إشراك القارئ به في كرم طائي ليس غريبا على أجدادنا.. أو ما بقى ممن لم نبعه منهم.. بعد.. مشاهد الأبنية والعمارات والفلل تلك التي أرصدها من خلف زجاج سيارتي دون أن أستطيع أن أحدد بالضبط من المتحرك ومن الساكن فينا.. ما تراها تكون؟ أهي حضارة من شمع سرعان ما ستذوب عندما تشرق أول خيوط شمس الحقيقة! أو أنها أضغاث أحلام سرعان ما تختفي فور أن يدق منبه الواقع! لا أعتقد أن سعوديا واحدا يملك جرأة كافية تمكنه من أن يجيب عن سؤال ماذا بعد النفط؟ ختامًا.. حاولت أن أسأل رجلا نصف قارئ يجر أذيال الفقر والانكسار؛ إذ سرعان ما فغر فاهه بدهشة قبل أن يرد: ماذا ؟...عصر ماااابعد النفط؟؟.....ثم قال.. وهل عشنا قبله!!!