عذرًا أمّنا عائشة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب رب العالمين، ما أطهرك وما أعظم شأنك ومكانتك في قلوبنا، كم قصَّرنا في حقك كثيرًا يا أماه، فحقك علينا كبير والأمانة في أعناقنا إلى يوم الدين، أمانة حبك وتعطير مجالسنا بذكرك وذكر فضلك ومكانتك وعلمك وفقهك في كل زمان وفي كل مكان. فجيل اليوم ابتعد كثيرًا عن دراسة وتتبع السيرة النبوية العطرة، ومعرفة حق أمهات المؤمنين وصحابة رسول رب العالمين، رضوان الله عليهم أجمعين. أمّنا عائشة أفصح النساء وأعلمهن بالفقه والعلم الشرعي، تلميذة البيان المشرق في مدرسة النبوة، معلمها هو معلم البشرية محمد -صلى الله عليه وسلم-، كانت ومازالت معلمة الرجال والنساء، وناقلة العلم الأمينة إلى أمته عليه الصلاة والسلام، ومحدثتنا عن حياته مع أهل بيته، وعن خلقه وكرمه وعظيم قدره، فهل بعد هذا فضل يذكر بين البشر..؟! أنت من اختارك رب السموات والأرض زوجة لحبيبه في الدنيا والآخرة، وأنت مَن قُبضت روحه الشريفة وهو بين يديك وفي بيتك. أمي عائشة: وكأنّي أراك وقد اعتلى محياك ابتسامة الطهر والعفاف، بقلب يمتلئ إيمانًا ويقينًا، وكرمًا وعلمًا، وفصاحة وبلاغة.. أكرمك ربك بمكانة خاصة في قلب رسول الله، حتى أصبحت أحب زوجاته إليه يا صاحبة الحرير الأخضر.. أي كرم بعد هذا الكرم، وقد اختارك ربك من بين كل نساء الأرض لتكوني زوجة الحبيب في الدنيا والآخرة، والله جل في علاه لا يختار لرسوله إلا طاهرة مطهرة، بعيدة كل البعد عن مواطن الشك والريبة. والذين خاضوا في عرضك في الأقدمين والآخرين، هم والله الأشقياء الضالون، وويل لهم مما قالت أفواههم. ولكن نحن اليوم لابد أن نحاسب أنفسنا، ونجدد صلتنا بسيرتك ومعرفة فضلك، وعلمك وفقهك، وعلى من يرتاد المكتبات اليوم لابد أن يقف عند أرففها، ويسعد بتلك الكتب والكتيبات التي تتحدث عنك يا أمّنا عائشة –رضي الله عنك وأرضاك- ولكنني وقفت لأتساءل هل كُنَّا بحاجة إلى أن يأتي نكرة من النكرات، وسفيه من السفهاء، ليتطاول عليك حتى نهب مدافعين عنك؟! أليس من الأجدر بنا والأحرى ذكرها والترحم عليها وعلى أبيها-رضوان الله عليهم- وهم أحب خلق الله إلى قلب رسولنا الكريم. سلام الله عليك يا أمّنا عائشة ورحمة الله وبركاته.. وعذرًا عذرًا لتقصيرنا في حقك، ولكن لعل الله يمد في أعمارنا، فنعطر مجالسنا بذكر محاسنك، وتدارس أحاديث رويتها عن نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، ونعلم الأجيال قدرك ومكانتك، حيث برأك الله في قرآن يتلى إلى يوم الدين. إلى المعلمين والمعلمات أنتم من تربون الأجيال، ازرعوا في نفوس طلابنا وطالباتنا محبة وتقدير وإجلال أمهات المؤمنين، وصحابة رسول رب العالمين، تلكم رسالتكم وأمانة أُنيطت بأعناقكم ستسألون عنها يوم الدين. اللهم فقهنا في الدين، وعظم في قلوبنا مكانة ومحبة نبيك وصحابته وأزواجه إلى أن نلقاك وأنت راض عنا.. اللهم آمين.