نؤمن جميعا بأن حياتنا عبارة عن كتاب، فيه فصوله وفيه أبوابه، وإن تعددت الفصول واختلفت من شخص لآخر، إلا أن هناك فصلا واحدا سلم أمرنا إليه وهو فصل « العلم « فكلنا مررنا بتلك المرحلة مرحلة التعلم، ذاك الفصل لم يكن قانونا أو نظرية، إنما كان قصة متسلسلة، كان مؤلفها « معلم « انتقى أفضل الأفكار ليسكبها في جعبتنا، كان بطلها « معلم « كرس جهده وحياته لإتمام مسيرة التعليم لتظهر القصة على أكمل وجه، فأتقن وأتقن. معلم، كم حملت هذه الكلمة في أغوارها أسراراً عظاماً، وإن تعددت لغات العالم واختلف أسلوب نطقها، من العربية إلى الانجليزية والفرنسية ثم الصينية، لكن الشيء الذي لم يتغير على تغير نطقها، هي تلك البسمة التي تتجلى في أوجههم جذلين بما سمعوا.. لم يختلف من يقطنون هذه الأرض على عبارة واحدة، لم يختلف أحد على أن يقول « شكراً معلمي» قالها طبيب، قالها مهندس، وقالها وزير ... « بفضل معلمي بعد الله، لم أكن لأصل إلى ما أنا عليه الآن « « معلمي « شكراً بقدر ما تحمله الأرض من نعيم، شكراً بقدر ما تحمله السماء من زخات المطر، شكراً بقدر عطائك وخيرك. « معلمي يا مفخرة الزمن، لولاك بعد المولى كيف آل مصير العلم ؟ كيف آل مصير الفكر والأدب ؟ عجباً لغيثك لا يكل ولا يمل، ولا ينفد من سمائك المعطاء، في كل وقفة أتعلم منك أكثر مما كان مفروضاً أن أتعلمه، إنني لا أتعلم منك منهجاً ولا درساً مفروضاً فحسب، بل أتعلم منك صبراً وسعة بال، أتعلم منك حباً وعشقاً للعلم، أتعلم منك جهاداً وكفاحاً، أتعلم منك إتقاناً وإخلاصاً، أتعلم وأتعلم وأتعلم.. لا أعلم ماذا أصف فيك يا مولاي، أأصف أخلاقك، أم أصف شدة قربك من طلابك، أم أصف أمانتك في إبلاغ رسالتك، لن أستطيع أن أوفيك حقك، سامحني، ففضلك علي عظيم عظيم، وإن عظمت في ذكرى الزمن تظل أنت أعظم وأعظم من مقاييس الزمن وأعظم من مذكرات التأريخ وصدق من قال: عملاق أمتنا يا أيها البطل أنت المعلم والأستاذ والأمل يا صانع المجد يا روحًا مطهَّرةً لكَ التحيات والإكبار والقُبَل يا واقفًا فوق هام العز شامخة أركانه نهضت من وعيك الدول يا شمعة في ظلام الليل ما فتِئت تنير دربًا لمن ضلوا ومن جهلوا أنت السراج وأنت النور مؤتلق مهما تصاغرت الحساد والعذل أشكرك يامعلمي، ها أنا الآن أتشرف بوقوفي أمامك، فقط لأعبر لك عن بعض ما في مكنوني.. شكرا معلمي، شكرا معلمي إيناس عبدالعزيز الجهني - جدة