يحتفي العالم في الخامس من اكتوبر كل عام بيوم المعلم العالمي الذي أقرته منظمة اليونسكو قبل أكثر من أربعين عاما وبدورها فإن وزارة التربية والتعليم إيمانا منها بدور المعلم في نهضة الأمة وذلك من خلال دوره المحوري في عمليتي التربية والتعليم دعت إلى الاحتفاء بيوم المعلم اعترافا بفضله ومكانته وبدوره العظيم في بناء مجتمع مسلح بالقيم الأصيلة التي يغرسها المعلم في طلابه ومسلح في الوقت نفسه بالعلم والمعرفة التي تخرج الإنسان من ظلمات الجهل إلى ضياء العلم والمعرفة والهدى، ولا عجب في ذلك فإن الدور الذي يقوم به المعلم وهو غرس القيم وبناء العقول هو امتداد لرسالة الأنبياء عليهم السلام. لذلك فقد أدرك عالم اليوم المتحضر القيمة الحقيقية للمعلم وما يقوم به من دور حضاري متميز في تربية وإعداد النشء إعدادا سليمًا لمواجهة الحياة ليكون عنصرا فاعلا في بناء مجتمعه. إن المعلم في سعيه الدؤوب لتحقيق رسالته التربوية والتعليمية يستحق من كل فعاليات المجتمع وليس المدرسة فقط ان يكون محط تقدير واحترام، كيف لا وهو الذي يتعهد أبناءنا بالرعاية ويحيطهم بعطفه ويرفدهم بالعلم والمعرفة ويغذيهم من مناهل الحكمة ما يؤهلهم لمواجهة الحياة بحكمة العارف ورؤية الناقد وتذوق المؤمن، نعم تلك هي رسالة المعلم اعداد الإنسان، وهل هناك أشرف أو أجل من تلك الرسالة السامية رسالة الأنبياء في نقل الناس من الظلمات إلى النور.. وحتى يؤدي المعلم رسالته بكفاية واتقان ينبغي ان تتوافر فيه مجموعة من الصفات حتى يكون قادرا على أداء رسالته بشكل فاعل ومن تلك الصفات ان يكون مجسدا في سلوكه ما يعلمه لأبنائه (المعلم القدوة الحسنة) لأن الطالب ان أحس بعدم التطابق بين قول المعلم وسلوكه فذلك يقلل من إيمانه بما يتعلمه ويسقط في الوقت نفسه هيبة المعلم من نفوس طلابه. ومن الصفات الواجب توافرها في المعلم ألا يقتصر دوره على ايصال المادة العلمية بل يتعدى ذلك إلى توجيه الطالب وغرس القيم في وجدانه وتعزيز انتمائه لدينه ووطنه وأمته، والمعلم الناجح أيضاً هو الذي يقيم بينه وبين أبنائه الطلاب جسرا من المحبة والتواد فيغدو صديقا وموجها وأبا ضمن علاقة إنسانية يسودها المحبة والحوار البناء والإقناع وشحذ الهمم فليس من أدبيات التعليم القهر والتسلط والفردية والغلظة فذلك يتنافى مع رسالة المعلم الذي ينبغي ان يتمثل قوله تعالى: (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة....) والمعلم إلى جانب ذلك شريك للوالدين في التربية والتنشئة والتعليم والتقويم لذلك يجب عليه الحرص الكامل على توطيد أواصر الثقة بين المدرسة والمنزل وتدعيمها باللقاء والاتصال كلما دعت الحاجة.. والمعلم أيضاً حريص على تنمية نفسه علميا وثقافيا حتى لا تنطبق عليه مقولة (من لا يتقدم يتقادم) لذلك فهو كثير المطالعة متابع لمادته ولكل جديد يساهم في تذليل العقبات أمام أبنائه معتمدا على أحدث الأساليب التربوية الناجعة. أخيراً: ان رسالة المعلم كرسالة الأم تقومان على العطاء والبذل والتضحية فلا يسعنا الا ان نقول لكل معلم بوركت جهودك وكفاك شرفا أيها المعلم ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعث معلما وصدق الشاعر حين قال: ومعلم وكفى بكل معلم شرفا وقد بُعث النبي معلما مساعد عويض الطائفي – جدة