تكمن أهمية حرب أكتوبر المجيدة فيما أثبتته من حقائق وما أحدثته من متغيرات استراتيجية وما أبرزته من دروس وأساليب عسكرية جديدة أصبحت تدرس في أبرز الأكاديميات العسكرية في العالم. ولعل أجمل ما أكدته تلك الحرب من معانٍ ودروس وعبر ونحن نعيش ذكراها ال 37 تلك الحقيقة الساطعة بأن هذه الأمة التي حققت النصر في 6 أكتوبر 1973 هي الأمة ذاتها التي سبق وأن حققت النصر في صدر الإسلام على الروم والفرس القوتين العظميين في ذلك العصر، والتي سبق وأن حققت النصر على الصليبيين في معركة حطين الفاصلة، ومعارك أخرى كثيرة أثبتت جميعها أن هذه الأمة تمتلك عوامل ومقومات الانتصار طالما تسلحت بسلاح الإيمان والتضامن والإرادة، وأنها لا تزال قادرة على تحقيق الانتصارات ضد قوى البغي والعدوان طالما ظلت تتسلح بهذه الأسلحة، وهو ما أثبتته حرب أكتوبر التي تضامنت فيها الجيوش العربية مع الجيشين المصري والسوري في تظاهرة عسكرية تضامنية أعادت إلى الذاكرة شريط الانتصارات التي حققتها الأمة عبر التاريخ. لا شك أن أهم الدروس التي أثبتتها حرب أكتوبر هو أن سلاح التضامن العربي هو السلاح القادر على تغيير الحقائق الاستراتيجية على الأرض التي فرضتها هزيمة يونيو 67. كانت حرب أكتوبر في محصلتها انتصارًا للإرادة والتضامن والقدرات العربية عندما قوضت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وعندما قوضت في زمن لا يكاد يذكر صرح خط بارليف الذي يعتبر الأقوى تحصينًا في التاريخ العسكري الحديث. اليوم ونحن نعيش أصداء انتصارات أكتوبر وذكراها التي لا تنسى فإن الأمة إنما تستذكر معادلة الانتصار العربي الذي تحقق في تلك الحرب الذي فاجأ العالم كله قبل أن يفاجئ إسرائيل التي اعتادت أن تشن الضربة الأولى في حروبها ضد العرب، تلك المعادلة التي أثبتت العلاقة الوثيقة بين التضامن العربي والانتصار، أو بمعنى آخر التأكيد على أنه لا انتصار وعزة لهذه الأمة بلا تضامن. كم نحن الآن في أمس الحاجة إلى تحقيق التضامن العربي ونحن نواجه تحديات لا تقل في أهميتها وخطورتها عن تحديات ما قبل حرب أكتوبر ،وكم نحن في حاجة إلى استلهام دروس تلك الحرب التي أعادت خاصية الانتصار للأمة بعد سنوات الهزيمة والانكسار .