إلى زملائي مربي ومعدي رجال المستقبل في بداية عام دراسي جديد، أتقدم إليكم بهذه الكلمات التي أرجو أن تكون نبراسًا لنا جميعًا في أداء رسالتنا والتي أتوجه بها إلى نفسي أولًا، وإني على يقين تام بأن الكثير منكم يعي مدى أهمية الرسالة التي يقوم بها لا سيما رسالة تغذية العقول؛ ليخرج لنا رجال يخدموا أمتهم ووطنهم على الوجه الأكمل. تذكر أخي المربي أن الطالب في وقتنا الحاضر لم يعد بحاجة ماسة إلى تلقي المعلومات فقط فلم يعد دورك مجرد سرد المعلومات من الكتاب المقرر فالمعلومة أصبحت في متناول اليد، ويسهل الحصول عليها عبر القنوات الإعلامية المتعددة والتي باتت مفتوحة على مدار العام وعبر الانترنت في أي وقت يريد بل دورك أسمى من ذلك بكثير. إن الطالب في وقتنا الحاضر بحاجة ماسة إلى التوجيه السليم نحو السلوكيات الإيجابية المتعددة وتبصيره بالطرق التي يستطيع من خلالها أن يعيش حياته في نجاح وتقدم لتصبح لديه الدراية الكاملة بحجم المسؤولية التي تسند إليه فيما بعد، بفضل ما تلقاه من تربية سلوكية سليمة لئلا يقع فريسة للسلوكيات المنحرفة، والتي قد تعكر عليه صفو حياته. ولن يتحقق ذلك إن لم نكن نحن القدوة. أخي المربي لا تجعل القدوة تتلاشى منك والله يقول: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا). فأنت من أعظم الأئمة فلا تجعل قولك لا يوافق الصواب، ومن العجب من أن تكون أفعالك التي تصدر منك توحي بتناقضك فحين تحث على استغلال الوقت وتنظيمه والعناية به وعدم إهداره وتفعل غير ذلك فإنك تناقض نفسك. ولا تظن أن الطالب ينسى جميل نصحك ولكن لا تكن ممن قال الله تعالى عنهم: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون). لذا ينبغي عليك أيها المربي أن تبدأ بإصلاح نفسك أولًا وأن تسمو بها عن أي خلة فاسدة يمكن أن يراها فيك طلابك فيتعلموها منك، وابذل قصارى جهدك لتكن الأفضل. لأنك قدوة لطلابك ومثل أعلى لهم. وقد أصاب الموصي لب الحقيقة. وذكر عين الصواب حين أوصى مؤدب أبنائه قائلًا: (ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بَنِيَّ إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه، والقبيح عندهم ما تكرهه، ولا تخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه، فإن ازدحام الكلام في السمع مضلّة للفهم). فرسالة التوجيه والتربية منوطة بالمعلمين المربين كونهم القائمين على تربية النشء وتعزيز قيمه وتنمية سلوكه الايجابي وتقويم سلوكه السلبي، ولنعلم جيدًا أن فئات المجتمع كافة هي مخرجات لنظام التعليم ومن هنا ينبغي أن تنطلق العملية التربوية للقيم والسلوك من نظام التربية والتعليم الذي نراه أهمل جانب التربية واهتم بالجانب الآخر فقط وهو التعليم لذا نرى أن مجتمعنا أصبح يشكو قصورًا في مختلف مساراته الحياتية ونراه أيضًا يعيش مرحلة اختلال سلوكي كان له الأثر على الكثير من معاملاته فعلى سبيل المثال نجد أن المجتمع يشكو تراجعًا في قيم الصدق والتراحم والتكافل والإيثار وغيرها من القيم التي يترتب عليها بروز الكثير من السلوكيات المنحرفة. أخي الكريم أرجو أن تتقبل نصحي هذا على محمل النية الطيبة واعلم انه ليس هناك إنسان متكامل وليس بالضرورة أن يكون الإنسان الموصى له سفيهًا أو جاهلًا. فالإنسان العاقل أيضًا قد تغيب عنه بعض الأمور التي يحتاج إلى من يوجهه وينصحه فيها ليبذل قصارى جهده ليكون الأفضل. لا سيما المربي، لأنه قدوة لطلابه، ومثل أعلى لهم كما أسلفت.