وسط دمار غير مسبوق.. اللبنانيون يستعجلون العودة لمنازلهم    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    التدريب التقني تمنح 63 رخصة تدريب لمنشآت جديدة في أكتوبر الماضي    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    اكتشاف كوكب عملاق خارج النظام الشمسي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    مبدعون.. مبتكرون    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    الرياض الجميلة الصديقة    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    أكد أهمية الحل الدائم للأزمة السودانية.. وزير الخارجية: ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية واحترام سيادة لبنان    هؤلاء هم المرجفون    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو محمد ل الرسالة : العالم الإسلامي يعيش مرحلة النخاسة الثقافية ولا بد من إنقاذه
نشر في المدينة يوم 01 - 10 - 2010

د. إبراهيم أبو محمد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية ورئيس إذاعة القرآن الكريم بأستراليا من العلماء الذين نذروا حياتهم لنشر كلمة الحق والدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسن، فهو يعمل في الحقل الدعوى منذ سبعينيات القرن الماضي وله آراء خاصة تتعلق بكيفية التعامل مع الآخر الغربي والطرق الصحيحة للحوار معه بما يحقق التعايش والسلام الإنساني المنشود. وفي حواره ل “الرسالة” أكد أبو محمد أن العالم الإسلامي اليوم يعيش مرحلة النخاسة الثقافية فبعض المثقفين حوَّلوا الثقافة إلى مسألة بيع وشراء، في حين أن المثقف المسلم محكوم بحدين هما حقه في التفكير وواجبه تجاه ربه كخليفة في الأرض وهذا هو أصل الاختلاف بين المثقف المسلم وغيره من المثقفين العلمانيين، وأشار إلى أن المشكلة الحقيقية أننا نعيش في عصر إرهاب فكري، فيسمح لجهات معينة بعرض ما لديها أفكار، وتمنع جهات أخرى من هذا الحق وعليها أن تلتزم الصمت بحجج واهية كالحفاظ على الأمن الاجتماعي أو القومي، فيكون من حق المفكر العلماني أن يزلزل القيم والمبادئ والثوابت تحت مسمى المعاصرة والحداثة والإبداع أما المفكر الإسلامي فما يقوله تعصب وانفعال. وأكد أن المضي في طريق الحوار مع الآخر يحتاج إلى “خارطة طريق” جديدة تقوم على أن الفطرة قاسم مشترك بين البشر، كل المجتمعات وكل الشعوب والأمم، مهما اختلفت الأجناس والألوان واللغات، وأن الحضارات تراكمية وبينها تلاقح وأخذ وعطاء وفيما يلي تفاصيل الحوار: ما هو الدور الذي تقوم به المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية كأحد أبرز المؤسسات الإسلامية لحل المشكلات التي تواجه المسلمين؟ للمؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية دور مهم في تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول الإسلام والمسلمين في المجتمع الأسترالي، كما تعمل على الحفاظ على الهوية الإسلامية لمجتمع المهجر حتى يملك الفرد القدرة علي التكيف مع المجتمع فلا يذوب فيه أو يتقوقع فينعزل عنه،‏ ونفس الأمر بالنسبة للأجيال التي ولدت في أستراليا، فتعمل جاهدة على تحقيق التوازن بين الحرية التي يعيشها الجيل الجديد وضرورة الالتزام بالثوابت الإسلامية، وذلك بعقد ندوات وإقامة المعسكرات والدخول في حوارات متعددة مع المسلمين لتبصيرهم بعاداتنا وتقاليدنا الإسلامية. بالإضافة إلى أن المؤسسة لها نشاط ضخم في التعاون مع المجلس الأسترالي لشؤون المرأة “أكوا” الذي يهتم بكل شؤون المرأة في المهجر، ومن خلاله تم بناء أول مركز لرعاية المعاقين فوق سن 16سنة للبنين والبنات الذي خدم كثير من الأسر العربية المسلمة هناك. تصحيح صورة الإسلام الأقليات المسلمة في المجتمعات الغربية مرآة للدين الإسلامي فما هو دورها في تصحيح الصورة المغلوطة للإسلام والمسلمين؟ تصحيح صورة الإسلام والمسلمين في المجتمعات الغربية يتطلب أن يبرز المسلمون الجوانب الأخلاقية في التعامل مع أبناء الغرب، خاصة وأن الأخلاق لغة عالمية يعرفها الجميع، وذلك حتى تستعيد الشخصية الإسلامية مكانتها وجاذبيتها وتتحول إلى عنصر فعال يؤثر في هذه المجتمعات الغربية، والحقيقة أن الشعوب الغربية تقع ضحية للإعلام الغربي الموجه والمشوه لحقيقة الإسلام. ومع الأسف فالإعلام العربي والإسلامي غائب تمامًا عن الساحة الإعلامية الغربية. وإن وصلتها لا تحمل أي قيم إسلامية، بل عادات وتقاليد. فيضر بذلك ولا ينفع ومع جهل تلك المجتمعات بطبيعة الإسلام وحقيقته يتم الحكم علي الإسلام من خلال سلوكيات أتباعه فيكون المسلمون غير الملتزمين سببًا في ترسيخ الأفكار المغلوطة عن الإسلام وهم لا يشعرون، ولا يمكن أن نغفل الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الجاليات الإسلامية في جذب رجل الشارع إلى قضايانا العادلة إن أحسنت التصرف، ومن الممكن أن تشكل ضغطًا كبيرًا على متخذي القرار وتخرج بنتائج إيجابية لصالح المسلمين. القانون الأسترالي تشوب اختيار قيادات دور المجالس والجمعيات الإسلامية في أستراليا عدة مشكلات أثرت بالسلب على الدور الذي تقوم به لسنوات طويلة فكيف يمكن التخلص من تلك الشوائب؟ المشكلة الحقيقية أن القانون الأسترالي يدعو للتفتت والتمزق ويسمح بمساحة من الحرية يساء استخدامها مما أدى إلى سلبيات أن عكست على المجتمع الإسلامي هناك وعلى علاقاته بالمجتمع الأسترالي، لأنهم ينظرون إليهم على أنهم يمثلون الإسلام، فينص القانون على كل جمعية يكون الحد الأدنى لعدد الأعضاء فيها 5 أشخاص. وهذا الشرط يفتح الباب للتلاعب، حيث يكوِّن البعض جمعية من نفسه، ثم زوجته وأبنائه، فيكون هو الرئيس، وزوجته أمين السر، وأحد الأبناء أمين الصندوق، والآخرين هما الأعضاء! وللأسف فإن خبراء التزييف يقومون قبل الانتخابات بتكوين عدة جمعيات وهمية بحيث تضمن لأي شخص بقاؤه رئيسًا للمجلس مدى الحياة، ومن حقه أن يقبل في عضوية هذا المجلس من يشاء ويرفض من يشاء، ومن مجموع هذه المجالس يتكون اتحاد المجالس الإسلامية، ويفترض فيه أن يكون هو الجهة التي تمثل المسلمين لدى السلطات الحكومية. تلك هي القيادات الرسمية التي تمثل الجالية المسلمة في أستراليا على مدار 30 سنة مضت، لم يقوموا خلالها بأي نشاط أو عمل مؤثر في المجتمع، ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تظهر على الساحة مؤسسات إسلامية تقوم بعمل جاد ومنظم من خلال مشروعات تخدم المجتمع. ولفتت نظر الحكومة إلى وجه آخر للإسلام ونماذج جديدة تفرض نفسها على الساحة وتقوم بعمل حضاري متميز. نخاسة ثقافية ترتفع أصوات بعض المثقفين لتنال من الإسلام رافعين شعار العلمانية. فكيف يمكن مواجهة هذا الاجتراء العلماني على الإسلام؟ للأسف الشديد يعيش العالم الإسلامي اليوم مرحلة النخاسة الثقافية فبعض المثقفين حولوا الثقافة إلى مسألة بيع وشراء، في حين أن المثقف المسلم محكوم بحدين هما حقه في التفكير وواجبه تجاه ربه كخليفة في الأرض وهذا هو أصل الاختلاف بين المثقف المسلم وغيره من المثقفين العلمانيين، ورغم أن الباطل يعرض نفسه بجاذبية لينفِّر من الحق إلا أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح وعلى أهل الحق حسن عرض ما لديهم، وذلك بأن تكون الدعوة بالحال أي يكونوا نماذج حية تتحرك بهذا الحق، ثم التفاني في عرض هذا الحق فتلك هي أقدر الطرق على الإقناع والدفاع عنه، فالحوار مع الأخر هو ما يكشف سوء بضاعته في سوق الفكر، والفكر الإسلامي لا يخشى مواجهة الآخر ولا يصادر فكره ولا يصم أذنيه عن دعاوى الآخرين. وكلما تمعّنا فيما لدى الآخرين اكتشفنا عظمة الإسلام أكثر وأكثر، المشكلة أننا نعيش في عصر إرهاب فكري فيسمح لجهات معينة عرض ما لديها أفكار وتمنع جهات أخرى من هذا الحق وعليها أن تلتزم الصمت بحجج واهية كالحفاظ على الأمن الاجتماعي أو القومي. ما هو المطلوب في الوقت الحالي لتأمين الشعوب ثقافيًا ودينيًا ولمنع الصراعات التي تحيط بالإنسانية؟ ضرورة قيام المنصفين في الشرق والغرب بالعمل جاهدين على تحصين الشعوب الإنسانية حتى يكونوا في مأمن من الخيانة الثقافية والاغتيال العقلي الذي كثيرًا ما يمارس إن طلاقًا من أجندة خاصة لبعض فئات التطرف الذين يحرصون دائمًا على تأزيم المواقف وتخويف الناس وخلق عدوٍ موهوم هنا وهناك، فالعالم اليوم يواجه مشكلات من نوع خطير، ففي الشرق والغرب متطرفون، ومع الإحساس الحقيقي بالخطر الذي يحمله الواقع والدعوة إلى صراع الحضارات، نفض الإنسان عن نفسه شعور الانفصال وبدأ يحل محله شعور بضرورة الاتصال للبحث عن وسائل حقيقية للإغاثة والإنقاذ، ولم يجد بدًا من أن يمد يده للآخر يحاوره ويتداول معه هموم الحاضر القلق، ومن، ثم تردد كثيرا مصطلح حوار الثقافات وحوار الأديان، ثم حوار الحضارات، وأنشئت له مراكز علمية وبحثية، وتخصص فيه أكاديميون من كل التخصصات في محاولة لوقف زحف الدمار الذي يمكن أن يحدثه الصراع الدولي. كيف يمكن إدارة حوار متكافئ يقوم على التلاقح الثقافي والتعايش الإنساني بعيدًا عن نظرة الاستعلاء أو الدونية؟ يجب أن يبدأ الحوار بين كل الأطراف متحررًا من ثقافة الكراهية وبعيدًا عن روح الاستعلاء، لذلك يجب أن تكون هناك منهجية علمية تدرك ببصيرة قيمة ثوابتنا الدينية، وتتفاعل في ذات الوقت بوعي شامل مع متغيرات الزمان والمكان، وتثمن جهود العقل بين أطراف الحوار في إيجاد صيغة محترمة للعلاقات الدولية، وتعمل على تفعيل القواسم للعيش المشترك بين الجميع، كما ترفض صراخ الذين يدقون أجراس الصدام والحرب. ويجب أن نعلم أن النفاذ إلى قلب الحقيقة يتطلب قدرًا كبيرًا من البحث الدؤوب في طبيعة تلك العلاقة التي تختلط فيها القوة العسكرية بقوة الفكر فنًا وثقافة، كما تختلط فيها تراكمية العداء والصراع بتراكمية الثقافة والحضارة، وتلاقح المعرفة بين أخذ وعطاء، ورغبة وتمنع، فهناك مراحل متعددة شهدت مدًا وجزرًا، وتحولات في المواقف والمواقع، تحول فيها الزمن فانتقلت البوصلة ومعها مركزية الحضارة من منطقة إلى منطقة أخرى، ومن الشرق إلى الغرب في دورات حضارية رفعت أقوامًا وخفضت آخرين. الحرية المدنية هل استطاعت هذه الوسائل الإعلامية تسميم فكر الشعوب الغربية بالفعل وتوجيهها بكل طاقتها ضد الإسلام؟ الإنسان الغربي رغم كل ما يقال عنه لا زال لديه من رصيد الفطرة ما يمكنه من تقبل الحقيقة إذا عرضت عليه بذكاء، وقدمت له في صورتها النقية، كما أن مساحة الحرية المدنية التي تربى عليها وإن كانت قد تقلصت كثيرًا بعد أحداث 11 سبتمبر إلا أن المساحة المتبقية لدى هؤلاء تجعلهم يدافعون عن الفكرة التي يؤمنون بها، وترتفع أصواتهم في وجه حكوماتهم بالاعتراض، ويستعملون كل الوسائل المتاحة في الضغط، فهم إيجابيون في قضايا الهم العام ولا يكتفون بالفرجة من بعيد كما تفعل بعض الشعوب، كل ذلك يعني أن الغرب كشعوب ليس لدينا معهم مشكلة أبدًا وحتى محاولات الغرب السيطرة وتأزيم المواقف لم تنجح رغم كل أجهزة الكذب التي تروج لها، فشعوب الغرب اكتشفت الخديعة وعرفت أن خطط التآمر والعدوان ترتبط بمصالح أخرى هي السيطرة على منابع الثروة، ولا ترجع لحالة الإسلام أو مواقف المسلمين. خارطة طريق ما هي الحلول المقترحة من وجهة نظرك للعودة إلى الذات الإسلامية الصحيحة من ناحية وإدارة علاقتنا بالآخر بشكل إيجابي من ناحية أخرى؟ العودة إلى الذات تتطلب قدرًا من الثقة تزول معها حالة الالتباس وسوء الظن بين السياسة وبين الثوابت والمتغيرات من ذلك التراث، ولابد أن تتضح الفروق بين الوحي المعصوم قرآنًا وسنة، وبين المخزون الفكري والثقافي لعلمائنا، على أن يتم التعامل معه بقدر كبير من الاحترام والتقدير، وبعيدا عن القداسة والعصمة التي لم تثبت لغير القرآن والسنة، وليس مقبولًا أو معقولًا أن ننكفئ على الذات مكتفين بالماضي التليد، ذاكرين بأنه قد كان لنا مكان الصدارة في يوم ما، أو أن ننطلق في حوارنا مع الآخر متجردين من ثوابت هويتنا العقدية والثقافية، وهي ثوابت حية في وجدان وشعور شعوبنا، فنتخلى عنها وكأننا ريشة في مهب الريح لا جذور لها ولا تاريخ، في الوقت الذي نستجيب فيه لمطالب أطراف أخرى تحاول إحياء تراث ميت وثقافات ميتة وسخافات تتحدث عن شعب مختار وشعوب خلقت للهوان والخدمة، لابد أن تكون تلك الاستجابة مؤطرة بسقف معرفي، ولذلك فإن المضي في طريق الحوار مع الآخر يحتاج إلى "خارطة طريق" جديدة تقوم على أن الفطرة قاسم مشترك بين البشر، كل المجتمعات وكل الشعوب والأمم، مهما اختلفت الأجناس والألوان واللغات، وأن الحضارات تراكمية وبينها تلاقح وأخذ وعطاء، وأن التفاعلات في الأفكار والثقافات وما لذلك من تأثير في نسق القيم السائدة كل ذلك ينتقل من عصر لآخر ومن، بلد إلى آخر ومن حضارة إلى حضارة أخرى، خصوصًا ونحن نعيش عصر السماوات المفتوحة بفضائيات تفوق الحصر والعد، فإذا أضيف إلى ذلك ما أنتجته وسائل العصر من منظومة اتصالات تجاوزت بالصوت والصورة كل الحواجز والحدود، فإن قضية الانفتاح على الآخرين والتعرف على ما لديهم ثقافة وحضارة تصبح مطلبًا ملحًا للاستفادة مما تحقق هناك. خطة مشتركة هذا على الصعيد الإسلامي فماذا عن الصعيد الغربي؟ مطلوب ضرورة تبني خطة عمل مشتركة مع الشخصيات المنصفة ذوى الحيثيات العلمية والإعلامية في الغرب وكذا المؤسسات الإنسانية كمنظمات الحقوق المدنية والمنظمات المماثلة للعمل على تفويت الفرصة على الذين يثيرون روح الكراهية والعنصرية ضد
الإسلام والمسلمين وإزكاء نيران العداوة والصدام بين الحضارات، وتكوين هيئة علمية تكون معنية بشؤون الجاليات المسلمة تضم متخصصين من الداخل والخارج في شؤون الحضارات ممن يجيدون اللغات المختلفة تهدف إلى إيجاد واختيار آليات وأساليب الشرق والغرب مناسبة للتعامل مع الآخر بعد فهم بواعثه ودوافعه وهضم مفرداته الثقافية، على أن تضع هذه الهيئة خلاصة خبراتها تحت تصرف أي مسؤول ليكون على دراية بكل أبعاد الواقع في القضية أو المناقشة والحوار عندما تقتضي الحاجة ذلك، الأمر الذي يحمي صورتنا في الداخل من الاهتزازات والاضطرابات التى تستغلها بعض الصحف ووسائل الإعلام في الابتزاز. الوجود الإسلامي وكيف يمكن استغلال الوجود الإسلامي في الغرب لتذكية التفاعل الإنساني ومواجهة روح التعصب ضد الإسلام والمسلمين؟ يجب بحث كيفية الاستفادة بأصوات المسلمين وغير المسلمين ممن يتبنون نظرية تكامل الحضارات في العمليات الانتخابية المتعددة وبخاصة أن تعدادهم لا يستهان به في ترجيح وتأهيل كفة المعتدلين في الأحزاب المختلفة، وحرمان المتطرفين من تلك الأصوات حتى لا يتمكنوا من الفوز والتأثير في القرارات المختلفة وتلك فرصة لتأكيد حضور تيار نظرية تكامل الحضارات إذا أحسنا ذلك واستثمرناه كما فعل غيرنا، ويجب العمل على تكوين هيئات ومؤسسات وفق قوانين الغرب تجعل للوجود الإسلامي في المهجر تأثيرًا وفاعلية وتدفع بالأمور في الاتجاه الصحيح سياسيًا نحو العدالة بدلًا من التحيز وبناء المواقف على وجهة نظر أحادية الجانب تفتقد الموضوعية وتعوزها الإحاطة بوجهة نظر الأطراف الأخرى، والبحث في كيفية خلق الآليات والوسائل المناسبة لربط أبناء الجاليات الإسلامية في الخارج بالمرجعيات الدينية في الوطن الأم بغية توحيد الرؤى حول القضايا الحيوية مما يساعد على تكوين وإيجاد رأى عام ضاغط ومؤثر في اتجاه وحدة المسلمين في الخارج، وذلك يساعد في إزالة حالة التصدع واللبس الذي يحدث عادة ويفرق المسلمين ويغتال فرحتهم وبخاصة في المناسبات الدينية. **** الشعوب الغربية ضحية للإعلام الموجَّه والمشوَّه لحقيقة الإسلام بعض مراكز القرار والإعلام في الغرب تمارس دورًا مشبوهًا إن طلاقًا من أجندة خاصة تمثل دورًا مفضوحًا، تركِّز فيه لا على الإسلام كبديل جيد لبعض القيم التي أضرت بالغرب، بل على الإسلام كبديل عن الغرب كله، ومن ثم تقدمه على أنه عدو جديد لا هداية، وتصوره على أنه بعث جديد من أعماق الزمان لغزو صحراوي زاحف يهدد الحضارة ويعيد البشرية إلى عهود الظلام والتخلف. ويلحظ الباحث لما يجري في ديار الغرب أن حجم الأكاذيب يفوق أحيانا قدرة الإنسان على العد والإحصاء، ففي داخل الغرف السوداء لدوائر المكر السيئ أنه كثيرًا ما تلفق القصص وتفبرك الروايات في الصحف، فضلًا عما تقوم به التكنولوجيا الحديثة، في عالم السمعيات والمرئيات من عمليات قص ولصق، وإذا كان بعض الساسة قد تفوه ببعض الحقائق ونطق بعض الكلمات تطييبًا لخاطر المسلمين في زيارة خاصة، أو بعد ضجة كبيرة تحدثها الإساءات المتكررة، فإن ذلك كله عكس ما تبديه مراكز القرار والأجهزة التابعة لها من وسائل صياغة الرأي العالم بأنواعها بالإضافة إلى الندوات والمؤتمرات والبحوث المختلفة التي تتناول موضوع العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.