كل أمر يتعلق بالمرأة مثير للجدل في مجتمعنا، وحين سماع أي فكرة، أو قرار، أو رأي يخص شأنًا من شؤونها تجد أن صوت الرجل هو الأعلى، وثمة مَن يتحدث باسمها ونيابةً عنها ويُعيّن نفسه محاميًا مدافعًا عنها، ويُحرض الجميع على الانضمام تحت لوائه، ومن له رأي آخر فقد اختار طريقًا يُذم سالكه. من الأولى أن تكون مُشاركة في القضايا التي تخصها، ويكون لصوتها مجال يؤخذ بالاعتبار، هناك من يعزف على أوتار حساسة تُحرّك مشاعر العامة دون تريث وروية كالدِّين وتعاليمه والكرامة والتقليد الأجنبي، حتمًا عندما يستند الأمر لكتاب الله وسنة نبينا الكريم، وقتئذٍ لا أقول غير سمعنا وأطعنا، لكن عندما تكون العقبة عادات وتقاليد وتوقعات لا مبرر لها، ففي ذلك أخذ ورد، والكمال لله وحده، والخير والشر متلازمان، ووجود المدينة الفاضلة من الناحية التطبيقية غير ممكن. في الوقت الذي تقبع فيه كثير من الفتيات في بيوتهن مع رغبتهن بالعطاء والعمل الشريف، وحاجتهن لذلك نجد أن الفرص متوفرة وكفيلة بتوظيف نسبة لا بأس بها من العاطلات عن العمل، ومن ذلك المحلات التجارية الخاصة ببيع مستلزمات النساء، صدر قرار قبل مدة بتأنيث هذه المتاجر، ولكن الفشل سابقه، وكان له النصر. لا أرى مستفيدًا من فشل المشروع سوى العمالة الوافدة، ولا خاسر إلاّ أسرة فقيرة يمنعها الحياء والتعفف من مد يدها لغير خالقها، هناك أرامل ومطلقات وعوانس ينتظرن أنصاف الفرص لسد الحاجة، وتحقيق العيش الكريم، في مثل هذه الوظائف النسائية المقننة التي تتوافق مع الشرع، ولا تسلب المرأة خصوصيتها، وكرامتها مصلحة عامة وقيمة اقتصادية تُضاف للوطن. من تلك المشاريع التي كُتب لها الفشل، واجتهد أُناس لتعطيلها أو توقفها لأجل غير مسمّى، والتي تزامنت مع تولي المهندس عادل فقيه لوزارة العمل أعانه الله لما فيه مصلحة الوطن ومواطنيه السماح للمرأة بالعمل كاشيرة في المتاجر الكبرى، قرار كهذا مناورة تحتمل الفشل أكثر من النجاح، ليس لأنه في غير محلّه، بل لأن سابقه، وهو تأنيث المحال التجارية لم يشق طريقه، واصطدم بحواجز أفقدته طاقته، وأدت لتوقفه، فالأول أعني القرار يُحرر المرأة من مشكلات عدة تواجهها اثناء تسوّقها وتعاملها مع البائع الرجل، وقد تتعرض للاستغلال والمضايقة، ولنا أن نقارن محلاً نسائيًّا والبائع رجل بآخر مثله، ولكن البائعة أنثى، وفي هذه الحاله يُمنع دخول الرجال، أعتقد أن الأخير أكثر أمنًا وحفظًا لكرامة المتسوّقة. التجارة مهنةٌ شريفةٌ مارستها حواء في عصر صدر الإسلام وحتى في هذا العصر، ولم يحدث ما يتخوّف البعض منه، أو يتوقعه، يبقى أن نقول أن تقييم الشخص ونظرته، وهو بحاجة يختلف عن غيره الذي يعتمد على النظريات والتوقعات. م. عايض الميلبي - ينبع الصناعية