(90% من السعوديين راضون عن مستوى التعليم) عنوان مثير، نشرته إحدى الصحف المحلية يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من رمضان الماضي، وقد نجحت في إثارة القارئ لعلمه الأكيد أن ذلك الخبر لا يمكن أن يكون دقيقًا على الإطلاق. وفي التفاصيل غرابة أكثر؛ فالخبر ليس منسوبًا لصحفي معيّن بل للصحيفة، ومبهم إلى درجة كبيرة حيث ينص على: «كشف استطلاع للرأي أجرته شركة متخصصة». وكم كان القارئ يتمنى أن تكون مثل هذه الأخبار دقيقة وتفصيلية! فما المانع أن يذكر اسم الشركة، وتفاصيل الاستطلاع، ومكان توزيعه. والتعليم ركيزة أساسية لكل الدول، منه تنطلق، وبه تتفوق إذا كانت المخرجات ذات جودة نوعية. لكن المؤسف أن تعليمنا ليس كذلك، بدليل وجود العديد من المؤشرات والدلائل، وإثباتات لا يمكن أن تحتمل الأخذ والرد؛ فالخريجون عاطلون، ومَن هم على رأس العمل (في العملية التعليمية) عند إجراء اختبارات قياس لهم لم ينجح النصف منهم!!. إن مَن يريد إجراء دراسة عليه أن يتمكن من تحضير أدواتها بشكل جيد؛ فالاستطلاع كلمة فضفاضة، لا يعلم المرء ما هي أدواته وعناصره، والتعليم لا يمكن أن تقاس جودته بهذه الطريقة، بل المفترض أن يوكل هذا الأمر إلى جهة متخصصة، وتوزع الاستبانة في مناطق متعددة، ويكون المشاركون من المعنيين بالعملية التعليمية والتربوية بشكل أعم (المعلمون والمعلمات والطلاب والطالبات) ثم أولياء الأمور والإداريون. مثل هذا الاستطلاع المثير لا يمكن قبول نتائجه؛ فتعليمنا يواجه تحديات عدة نتيجة الظروف الحالية الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء، وأمر خادم الحرمين بتوفير تسعة مليارات ريال لتطوير التعليم يؤكد عدم مصداقية الاستطلاع المنشور. وعلى الرغم من صدور الأمر الملكي بذلك إلاّ أن الواقع يثبت أن تعليمنا لا زال بحاجة إلى أنظمة ذات جودة عالية تحفز الواقع التربوي على الإبداع، ولا تكتفي بالتطبيق، مع أن التطبيق في حد ذاته غير متكامل حتى الآن، فكيف يمكن أن يكون مستوى التعليم؟. وزارة التربية والتعليم في منأى عن الجانب النفسي للمعلم والمعلمة، وآخر إجراء إداري قامت به هو التوجيه بعدم المطالبة بالنقل قبل ثلاث سنوات؛ وهذا تعنت عجيب لا يراعي الجانب النفسي مع كونه مخالفًا لنظام الخدمة المدنية.المعلم يعيش ضغوطًا إدارية ونفسية واجتماعية، والوزارة لا يعنيها سوى التعاميم ففي كل يوم تصدر تعميمًا ولا يكاد يجف حبره حتى يتبع بآخر، في صورة مؤسفة لا يرجى منها تعليمًا منافسًا ذا جودة عالية؟! ولكي يرتقي تعليمنا ويبلغ مستوى معينًا من الرضا فلابد أن يراعي الجوانب المكونة للتربية في تكامل وتناسق لا ينفك بعضه عن بعض، وحينها يمكن إجراء استفتاء: هل أنتم راضون عن مستوى التعليم؟!