منذ بزوغ فجر الإسلام والمرأة المسلمة كاملة الحقوق والواجبات ومن حقها أن تعيش حياة خالية من العنف وليست بحاجة للدفاع عنها من أي جهة كانت، لا من حقوق الإنسان ولا من الأممالمتحدة التي تقود حملة عالمية تشمل المنظومة كلها لمناهضة العنف ضد المرأة الذي انتشر عالمياً بشكل ملفت، ليس بغريب انتشاره في بلاد غير المسلمين أما في البلاد التي تدين بالإسلام وتطبق تعاليمه ومنها الاهتمام بالنساء فلا يجب أبداً أن يسمح له بالانتشار مهما كانت الظروف “اتقوا الله عز وجل في النساء فإنهن عوان (أسيرات) بين أيديكم أخذتموهن على أمانة”. مظاهر الجالية والهمجية المترسبة في أدمغة بعض العقول الشرقية ترفض نفض الغبار الجاهلي بالرغم من ثوب الحضارة الذي ترتدي سواء كانوا أزواجاً، أو آباء، أو أخوة ذكوراً، فالنظرة الدونية للمرأة راسخة في أذهانهم، عنف جاهلي متحضر، سلسلة من السلوكيات التي يترتب عليها أذى صحي جسماني اجتماعي اقتصادي نفسي (امتهان، قهر، حرمان، انتقاص، تهديد) كلها تنصب في خانة العنف الزوجي والأسري، فليس بالضرورة أن تضرب جسدياً لتعنف، الضرب النفسي أشد قسوة، خاصة عندما ينظر إليها كمخلوق قاصر يجب أن يظل تحت الوصاية وإن اعتلت أكبر المناصب حتى ومع استقلالها المادي!! تحرم في بعض الأسر من أبسط حقوقها كالتصرف براتبها وكأنها ضمن ممتلكات الرجل، أو يترك لها مسؤولية الإنفاق كاملة وتعاقب على التقصير في المنزل -إساءة لمفهوم القوامة في الإسلام- علاوة على التهميش الذي يجعلها سجينة شرنقة من خيوط فولاذية تمنعها من النهوض بمستواها الاجتماعي والعلمي في بعض الأسر، فكلما تقدمنا خطوة تأخرنا بلايين، لا أعتقد أن العنف هو المقصود وإنما التعبير على أن السيطرة شأن للرجل، مشكلتنا الرواسب الجاهلية المتجذرة التي تميز بين الذكور والإناث حتى مع الدور المميز الذي تقوم به المرأة في عصرنا الحديث ولا يخالف الشرع وقد تتفوق فيه على الرجل، تضئيل دور الأنثى وتكبير دور الرجل ظلم كبير في حق المرأة: فما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ ولا التذكير فخرٌ للهلال للأسف تنظر الكثير من المعنفات اللواتي يفضلن الصمت لعوامل كثيرة منها خلفيتهن الاجتماعية الداعمة لسيطرة الرجل وإحساسهن بالعجز والخنوع، أو للحفاظ على سمعة الأسرة وكيانها أو بسبب العجز المادي وربما لمكانتها العلمية والاجتماعية العالية. فلا أعتقد أن صمتهن عشقاً لجلاديهن فالضحية لا تعشق جلادها وبالطبع الزوج الذي يعذب زوجته ويهينها زوج غير محب ولا مؤتمن. وبما أن مشوار علاج هذه الظاهرة طويل واللواتي لا يستطعن إيصال أصواتهن لولي الأمر والمسؤولين كثيرات آمل من الجهات المختصة إيجاد العلاج المناسب والسريع بوسائلها الخاصة لما يترتب على العنف من آثار سيئة تمتد لأجيال متعاقبة وللتأكيد (اسألوا الزوج المعنف كيف كانت معاملة أبيه لأمه وله). أنيسة الشريف مكي