رغم أن ياسر الحبيب ليس إلاّ رجل دين شيعي مغمور، ولا يعتبر من أحد المرجعيات المعترف بها، ولا يرقى حتى إلى مرتبة مجتهد لدى إخوتنا الشيعة، فإن ما فعله هذا الرجل من تهجم على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بالسب بأقذع الألفاظ، هو أمر يستوجب ردة فعل على مستوى الحدث من قبل المرجعيات الشيعية في العالم الإسلامي عملاً على وأد الفتنة وحرصًا على وحدة صف المسلمين. لقد وجه هذا الغوغائي كيلا من السباب لأم المؤمنين عائشة تعجز الأذن عن سماعه، فأساء بذلك إلى أبناء طائفته جميعًا، وأحرج المعتدلين منهم، وخذل كل دعاة الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب، وبالذات أولئك الذين ينتمون إلى الطائفة السنية. ولعل الأنكى من كل ذلك هو أن هذه الفعلة الشنعاء دعمت خطاب المتشددين من أبناء الطائفة السنية، بدليل أن هؤلاء كانوا أكثر من احتفى بها وسلط عليها الأضواء. وهو شيء طبيعي بالمرة. لقد تلقف هؤلاء المقاطع التي ظهر فيها ياسر الحبيب وهو ينفث حقده الأعمى ضد أم المؤمنين عائشة، وكأنها هدية نزلت عليهم من السماء. المرجعيات الشيعية الآن مطالبة باتخاذ ردة فعل قوية لاحتواء الأزمة التي أرجو ألا تتطور فتبلغ مرحلة الفتنة. وفي رأيي فإن أقل ما يمكن أن تطالب به المرجعيات الشيعية المسؤولة، هو إصدار بيانات رسمية تضع ياسر الحبيب في حجمه الطبيعي، وتدين فعلته، وتتبرأ من كل من صفق لها ووافق عليها وساهم في انتشارها. يجب أن تعرف المرجعيات المسؤولة أن من غير المقبول أن تنزل ردة الفعل عن هذا المستوى. بالمقابل فإن عقلاء الطائفة السنية مطالبون بعدم تحميل ملايين الأشخاص مسؤولية فعلة نكراء كهذه. فالحبيب هذا ليس مرجعية معترفًا بها عند الشيعة كما قلت في البداية، وبالتالي فإنه يظل مسؤولاً وحده عمّا اقترفه من جرم في حق أم المؤمنين عائشة، وفي حق طائفته، وفي حق الأمة الإسلامية كلها التي لم تكن يومًا في حاجة إلى الوحدة مثلما هي بحاجة إليها اليوم. احتواء الفتنة هو مسؤولية العقلاء من الطرفين.