ينتهي بعد أيام قليلة عرض مسلسل “ذاكرة الجسد” الذي يجسّد رواية تحمل الاسم نفسه للروائية أحلام مستغانمي، وشهد المسلسل جدلاً واسعاً على الساحة الدرامية والروائية في وقت واحد، وذلك بعد التطرق إلى جدوى نقل الروايات إلى مسلسلات درامية، ومدى تصوير النص الموازي (السيناريست) لما يحمله نص الرواية الأصلي. ويدور هذا الجدال حول العمل في كونه باللغة العربية الفصحى، وعلو لغة الرواية التي حولت إلى عمل درامي، ودخول المسلسل في بوابة إخفاقات الأعمال الدرامية بالفصحى فيما شكّلت اللهجات العامية الشامية منها والخليجية أو المصرية بوابة للنجاح، ولكي تتلافى هذا الإخفاق فقد أدخلت بعض الكلمات المتعارف عليها باللهجة الجزائريّة في صلب العمل الدرامي. كما أن العمل أيضاً يمشي في كثير من أحداثه ومقاطعه ببطء شديد يجعله مملاً للمشاهد، ولا يأتي على كثير من أحداث الرواية. ويتمحور هذا العمل الدرامي حول شخصية “خالد بن طوبال” الذي قام بتجسيدها النجم جمال سليمان، وهو مناضل جزائري بترت يده اليسرى إثر إصابته أيام الثورة الجزائرية التي انضم إليها وهو في السادسة عشرة وهناك تعرّف على “سي الطاهر عبدالمولى” قائد المعسكر والمجاهد الكبير الذي يقع فيما بعد بحب ابنته (حياة) وتقوم بأداء دورها أمل بوشوشة من الجزائر والتي تتزوج في النهاية من “سي مصطفى” الذي يعمل منسق المناصب في الحكومة الجزائرية. يعرض المسلسل من جهة معاناة خالد مع الاحتلال الفرنسي والتعذيب الذي تعرض له ومن جهة أخرى معاناته مع الحب ويده المبتورة ولوحاته الذي كان ينقل فيها معاناته وآلامه ليمزجها بألوان تناسبها، كما يتطرّق أيضا المسلسل إلى الفساد الذي أصاب بعض قدامى الثوار الذين باعوا قضيتهم ومبادئهم ليتقلدوا مناصب وزارية مثل (مصطفى) صديق خالد أيام الثورة أما من بقي منهم على مبادئه فيعيش حياته يوما بيوم مثل (بلال) ومنجرته و(توفيق) وسيارته التي ينقل بها الركاب و(ناصر ابن سي الطاهر) ومقهاه البسيط. وأحداث كثيرة وشخصيات عدة تنبثق من ذاكرة خالد لتشكل سوية نسيج العمل في حبكة درامية تتناول البعد السياسي والتاريخي والعاطفي. رسمت سيناريو المسلسل الكاتبة السورية ريم حنا الذي جاء باللغة العربية الفصحى ليتغلب على تعدد اللهجات المشتركة بالعمل، ومن خلال نخبة من النجوم العرب قام المخرج السوري نجدت أنزور بتحويل ما كتب إلى صورة وصوت وحركة ومشاهد محسوسة. يذكر أن هذه هي التجربة الثانية للمخرج أنزور في نقل رواية إلى الشاشة الصغيرة حيث أخرج سابقاً رواية الكاتب السوري حنا مينا “نهاية رجل شجاع” من حدود الصفحات وأدخلها الفضاء المشهدي للقارئ.