ليس هناك من دين أو نظام اجتماعي في تاريخ البشرية كلها، يمكن أن يضاهي الإسلام العظيم، كدين جوهره الحض على البر والخير، والتأكيد على المرحمة، وكنظام اجتماعي لُحمته وسداه فعل الخير، وإغاثة الملهوف، وتفريج كربات البشر، واعتبار ذلك من أعظم القربات، وإنك لتقرأ في كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا كلها رحمة وبر وتكافل وغوث، واعتبار المجتمع المسلم في تواده وتراحمه كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى والسهر. ومع تطور المجتمعات الإنسانية وتزايد معارفها وتكاثر مشكلاتها، واتّساع مجالات تواصلها وتكافلها وميادين عملها، حققت الأعمال الخيرية تطورًا عظيمًا، استخدمت فيه آخر مبتكرات التقنية، وأحدث برامج التسويق، وشتّى وسائل زيادة الموارد، وتوسيع الخدمات وتنوّعها، ممّا اضطر مؤسسات الخير والإغاثة لتدريب كوادرها على كل ذلك، وتنسيق وتكامل خدماتها وتنظيم مؤتمراتها وحملاتها. * * * من أجل ذلك كان من الواجب الترحيب بكلمات وكيل إمارة مكةالمكرمة الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخضيري، التي أكد بها أن اللجنة الاجتماعية في مجلس منطقة مكةالمكرمة برئاسة أمير المنطقة سمو الأمير خالد الفيصل، تعمل على توحيد جهود الجمعيات الخيرية في المنطقة، عبر مجلس تنسيقي مشترك، لتحديد المسؤوليات والواجبات لكل جمعية خيرية، ...... ونوعية العمل الذي تقدمه حسب ما لها من تصريح، والمكان الذي تقدم فيه الخدمة، سواء على مستوى المدينة أو المنطقة، وإيجاد مجلس تنسيقي مشترك لمختلف الجمعيات الخيرية بالمنطقة، مشيرًا إلى أن هناك جهودًا وتعاونًا من مختلف المؤسسات الخيرية لتحقيق أهدافها النبيلة. وأكد الدكتور الخضيري أن الأمة تواجه هجمة تنصيرية، ودعوات مذهبية في مختلف أنحاء العالم، ممّا يضع على المملكة ومؤسساتها الخيرية مسؤولية كبيرة، للقيام بتصحيح النظرة السلبية عن الإسلام، والتعريف بصورته الحقيقية الصحيحة، وإزالة الشبهات عنه. * * * لقد تعهد الشريك المؤسس لشركة «مايكروسوفت» العملاقة في مجال البرمجيات بول آلن، بالتبرع بمعظم ثروته التي تبلغ 13.5 مليار دولار للأعمال الخيرية، وجاء تعهد ألن بعد أسابيع فقط من دعوة أطلقها شريكه التجاري السابق بيل جيتس، والمستثمر الشهير وارين بافيت، للأثرياء الآخرين أصحاب المليارات، بالتبرع على الأقل بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية، وقال ألن الذي تبرع بالفعل بمليار دولار للأعمال الخيرية على مدى السنوات الماضية، «أريد أن أعلن بأن جهودي الإنسانية ستتواصل بعد وفاتي». ألسنا كمسلمين أولى من هؤلاء بكل هذا السخاء والبر، وأن نتساوى معهم إن لم نتقدم عليهم بمثل هذا الشعور الصادق الحي بالمسؤولية الاجتماعية، وأن نستجيب بصدق لنداء المولى عز وجل «من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرة ؟!» (البقرة 245).