شهدت مكتبة الإسكندرية إطلاق الطبعة الإنجليزية من كتاب “المواجهة القانونية للإرهاب” The Legal Response to Terrorism، للأستاذ الدكتور أحمد فتحي سرور؛ أستاذ القانون الجنائي ورئيس مجلس الشعب المصرى، وبحضور كل من الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، واللواء عادل لبيب؛ محافظ الإسكندرية. ويحتوي الكتاب على قسمين، الأول حول تعريف الإرهاب وسياسة مواجهته، والثاني عن الأحكام العالمية لمواجهة الإرهاب في القانون الجنائي، والملاحظ أن موضوع الكتاب وطريقة تناوله ليست قانونية بحتة، بل يظهر فكرًا سياسيًا، كما أنه يتطرق إلى القانون المصري والدولي أيضًا. و هو ليس من المؤلفات التي تتناول شرح قانون معين، ولكنه يضع مبادئ ما يجب أن يكون عليه أي قانون في ضوء اتجاهات القانون الدولي. ويبشر الكتاب بمولد فرع جديد في القانون الجنائي التقليدي يمكن تسميته القانون الجنائي لمواجهة الإرهاب، والذي جمع فيه سرور بين التأصيل العلمي لظاهرة الإرهاب، والتنظير المنهجي لها على مختلف أصعدتها. وقد ارتضى دكتور سرور لدراسته في هذا الكتاب خطة منهجية بالغة العناء والعنت في البحث والتنقيب، حيث جمع المنهج المتكامل في البحوث المكتبية والتطبيقية معًا، وهي أحدث الطرق. وقال: إن هذا المنهج مُستحدث لدراسة الظواهر الإنسانية والقانونية، ويستند على حقيقة وجود ارتباط وتلازم بين الإطار العلمي للبحث، وبين الواقع العملي، مما يسمح بالمزج بين النظريات التي تفسر الظواهر مع التطبيق العملي. وأضاف: إن هذا المنهج يحقق مزايا عديدة منها: العمق باستخدام المنهج التأصيلي، والشمول باستخدام المنهج الوصفي التحليلي، والتوازن باستخدام المنهج المقارن. وحدد. سرور في الكتاب الفرق بين الإرهاب كظاهرة إجرامية والإرهاب كظاهرة قانونية تخضع لضوابط القانون، بأن الظاهرة الإجرامية تستمد طبيعتها من تأثيرها على المجتمع، وتعالج بوسائل مختلفة منها الوسائل الأمنية أو الاجتماعية أو القانونية، وترتبط بالبواعث أو الأسباب التي تؤدي إلى الإرهاب، كما ترتبط بتأثيرها في الاستقرار والأمن الداخلي والأمن والسلم الدوليين، فضلًا عن مساسها بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، في حين أن الظاهرة القانونية تتحدد في ضوء ما يراه القانون لضبط أحكام الظاهرة الإجرامية لكي تقع تحت طائلته وفقًا للضوابط التي يحددها. كما يحدد الكتاب العلاقة بين القانون الوطني الجنائي والقانون الدولي الجنائي، وهو يخلص إلى أن جريمة الإرهاب قد تقع تحت نطاق القانون الجنائي الوطني والدولي معًا، ولو كان ذلك تحت وصف قانوني مختلف. وضرب سرور بالبحث عمقه، مفندًا ومحللًا أحكام المواجهة الجنائية للإرهاب، فتحدث عن وسائل منع وقوع جريمة الإرهاب بمراعاة الالتزامات الدولية ودعم قدرات الدول على المنع وبوسائل الضبط الإداري، ثم أركان جريمة الإرهاب، ثم النظام الإجرائي لمواجهة الإرهاب، وفيه عرض لقوانين عديد من دول العالم سواء - فضلًا عن مصر- في تقييد حرية الإرهابي المشتبه فيه. واختتم سرور كتابه بتفصيل أحكام التعاون الدولي الجنائي في مجال الإرهاب. القسم الأول من الكتاب يتناول النطاق القانوني لمواجهة الإرهاب، ويعرض القرارات وتفاصيل القانون الدولي للمعاهدات في مجال مواجهة الإرهاب، والتي تشير إلى وجود 12 اتفاقية دولية وخمس بروتوكولات وتسع اتفاقية إقليمية في هذا المجال، بالإضافة إلى القرار الإطاري للاتحاد الأوروبي لمواجهة الإرهاب، والذي يعتبر مثاليًا من الناحية القانونية، وهو القرار الذي يجب أن يتخذه المشرع عند وضع القوانين والتشريعات. فالمصادر الدولية والإقليمية ليس لها قيمة من الناحية الفعلية دون وجود تشريع داخلي يتبناها أو نظام محكمة دولية ينص على العقوبات المقررة عند مخالفة تلك الاتفاقيات، فلا يوجد حتى الآن محكمة دولية خاصة بجرائم الإرهاب، ولذلك فإن القانون الدولي هو مصدر غير مباشر لتجريم الإرهاب. يتناول الكتاب تعريف الإرهاب، والذي أوضح أن كل المحاولات فشلت في تعريفه بسبب موقف الدول النامية من بند اعتبار أعمال التحرير من الإرهاب، ولذلك لا يوجد حتى الآن اتفاقية لتعريف الإرهاب. ويناقش الكتاب الطبيعة القانونية للإرهاب، والإرهاب كجريمة دولية، والإرهاب أثناء النزاع المسلح، والذي يمكن أن يكون جريمة حرب أو اعتداء على الإنسانية. ويتطرق الكتاب إلى مشكلتين قانونيتين هامتين، الأولى هي التكييف القانوني لجماعات التحرير الوطني، والتي انتهى المؤلف إلى مشروعيتها بشرط احترامها للقانون الإنساني، والثانية هي إمكانية استخدام الحرب لمواجهة الإرهاب، ومدى اعتبار الإرهاب حربًا أو اعتداء مسلح يجوز مواجهته بالاعتداء التشريعي، وهي السياسة التي تبنتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وانتقد المؤلف السياسة السابقة، لأنها لم تلتزم بمبادئ القانون الدولي الإنساني، لأن مواجهة الإرهاب تتم للتصدي للجماعات وليس الدول، كما أنها استخدمت وسائل لا تراعي قوانين الإنسانية. كما تناول الكتاب سياسة مواجهة الإرهاب والتي يجب أن تراعي الالتزامات الدولية والدستورية، مع أهمية إحداث التوازن بين احترام حقوق الإنسان وحماية الأمن القومي، والاعتماد على أساليب تراعي الضرورة والتناسب، فلا يجوز مواجهة الإرهاب بالإرهاب، ولا يصح معالجة الفكرة السقيمة إلا بالفكرة السليمة. ويتناول الجزء الثاني من الكتاب، الخاص بالأحكام العامة للقانون الجنائي، والتي تعتبر الطريقة الوحيدة لمحاربة الإرهاب، وليس الحرب، أو ما يعرف بعسكرة القانون الجنائي. وقد تعرض الكتاب إلى منع الإرهاب وأهمية احترام الالتزامات الدولية، ودور الأممالمتحدة في تقديم المساعدات التقنية للدول للوفاء بتلك الالتزامات. وتطرق سرور إلى تجريم الإرهاب وتدابير الضبط الإداري لمنع الجريمة، والنتائج المادية والمعنوية للإرهاب نتيجة العنف والتعرض للخطر، بالإضافة إلى مسألة القصد الجنائي والأحكام القانونية الدولية في هذا الشأن. ويتطرق الكتاب إلى الجرائم الملحقة بجريمة الإرهاب، ومنها الاشتراك في العملية الإرهابية، وجرائم تمويل الإرهاب وغسل الأموال، والمسؤولية الجنائية عن الإرهاب في القانون الدولي سواء كانت مسؤولية الأفراد أو الدول التي يقع منها الإرهاب أو تسمح بوقوعه، بالإضافة إلى تحديد معيار مسؤولية الدول عن أخطائها. وأوضح أن الكتاب يناقش سياسة العقاب على الإرهاب، والتدابير التي يتم اتخاذها في إطار تلك السياسة، ومسألة تعويض ضحايا الإرهاب، ومبدأ المحاكمة العادلة لمواجهة الإرهاب، ومسألة الحصانة، والاختصاص الجنائي لمواجهة الإرهاب، وعدم وجود محكمة دولية لمواجهة الإرهاب حتى الآن.