مع الثورة الفضائية الهائلة في مجال الإعلام المرئي ، وكثرة القنوات الموجهة لأطفالنا لا يستطيع الإنسان أن يضع أطفاله في كهف ليعزلهم عن العالم ، وإنما رغما عن الجميع يجد الإنسان أن أطفاله قد دخلوا ضمن هذه المعمعة الفضائية . وقد نالت بعض القنوات شهرة عند الصغار لأنها تركز على الأناشيد المصحوبة ببعض المشاهد التي تحاول أن تحاكي الكلمات . وبعضها هدفها تربوي نبيل ولكن لغتها ركيكة تهدم ما بقي من الفصاحة عند أطفالنا ؛ فهناك أناشيد بلهجة شامية ركيكة مغرقة في المحلية ، وهناك أناشيد بلهجة مصرية ، وكذلك يتعمد بعض المنشدين التشبث بالمناطقية وكأنه صراع للهجات فتعجبت من ذلك أشد العجب ، ولا أدري هل وصلت العنصرية اللغوية إلى هذا الحد أم أن القنوات تريد أن توفر على نفسها بعض المال فتحرص أن يكون الشاعر من أحد أفراد طاقم القناة ، فلا داعي للتعاون مع شعراء كبار وأهم شيء اختيار لحن طربي وتزيينه بالمؤثرات المبهرجة. والأطفال يتلقون هذه الكلمات ويرددونها ، فتسمع مثلا : يا بابا أسناني واوا ، أو يا يمه وينتس ، أو بدي أتعلم يابابا ... وهكذا فيصبح لسان الطفل يجمع خليطا من اللهجات ، وأكثرها يرددها ولا يفهم معناها . ونحن في عالمنا العربي من الخليج إلى المحيط تجمعنا لغة واحدة فلا داعي لهذه العنصرية اللغوية ، فالطفل العربي بحاجة إلى أناشيد تنتقى كلماتها بعناية وبلغة عربية فصيحة . وكذلك عالمنا العربي يزخر بالعديد من الشعراء المبدعين فليت هذه القنوات تتعاون معهم في إنتاج أعمال يعم بها النفع . وأذكر قديما أن هناك برنامجا كنا نتابعه ونحن صغار اسمه افتح يا سمسم ، وهو برنامج تعليمي تربوي من إنتاج مؤسسة البرامج المشتركة لدول الخليج العربي ، وهو مسلسل تعليمي ترفيهي بلغة عربية فصيحة وكنا نتابعه بكل شغف ، وقد عرض البرنامج على القنوات التلفزيونية العربية جميعها ولقي قبولا كبيرا . ونحن اليوم بأشد الحاجة لمثل هذه البرامج ، وأملي أن تنشأ قناة تكون بتعاون عربي مشترك لأن الأطفال هم الجيل القادم الذي نعلق عليه الآمال بإذن الله .