أكد عدد من المختصين في الدراسات الشرعية والإعجاز العلمي أن ما يحدث في هذا الكون من مظاهر طبيعية وكوارث كونية إنما كان لدلالات شرعية أرادها الله سبحانه وتعالى تخويفا وإنذارا منه لعباده بعد أن حادوا عن النهج الذي ارتضاه لهم خالقهم بظهور فسادهم وعبثهم في البر والبحر والجو، جازمين أن تلك الكوارث إنما هي عقوبات ودلالات لا يعلمها إلا الخالق سبحانه فيما أرادها تعذيبا أو رحمة منه بالعباد فيما أخبرنا عز وجل عن كوارث كونية حدثت في الأزمان القديمة كانت من بعضها العذاب والأخرى اللطف والرحمة.ولفتوا الى أن كلمة (فساد) التي وردت في الآية الكريمة تشمل الفساد المادي والمعنوي بشتى أنواعهما لا كما قصره العلماء القدامى في تفسيرهم لها.واعتبروا إخلال الإنسان بالنظام الكوني له عواقبه الدنيوية والأخروية. فقد أكد عالم الإعجاز العلمي المعروف الدكتور زغلول راغب النجار رئيس لجنة الإعجاز العلمي في القراَن الكريم والسنة النبوية المطهرة– بالمجلس الأعلى للشؤون إلا سلامية بجمهورية مصر العربية أن الظواهر الكونية التي يحدثها الله سبحانه وتعالى في هذا الكون لها دلالاتها الشرعية الدينية العقدية المتعلقة بعبادة الرب وحده وهي لم تحدث عبثا ولم يوجدها الله كذلك إلا بسبب فساد الخلق في هذا الكون بأفعالهم وأعمالهم المخالفة وارتكابهم المعاصي وكفر بعضهم بالخالق ، ولذا قال الله سبحانه: ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) ، وقال مفسرو هذه الآية الكريمة قديما على أن المقصود بالفساد هو الفساد المعنوي بمعنى الخروج عن منهج الله والتحلل من الأخلاق الفاضلة والانحطاط من شرف التوحيد إلى دنيا الشرك ... ولكن الآية الكريمة تشمل أيضا الفساد المادي والذي يتم الآن على سطح الأرض هو نتائج الفساد المادي للإنسان مع انعدام الدين وانعدام الأخلاق في نفس الوقت ، فالإنسان يحرق سنويا أكثر من 10 مليارات من براميل النفط ويحرق أيضا سنويا أكثر من 8 مليارات من أطنان الفحم ويحرق كذلك سنويا ملايين الأمتار المكعبة من الغازات الطبيعية ، وكان الناس يتخيّلون أن ناتج حرق مواد هذا الوقود هي غازات خفيفة تنطلق إلى الفضاء الكوني وتبعد عنا وهذا غير صحيح فالذي ثبت علميا أن أغلب الغازات الناتجة عن إحراق هذه الوقود هي غازات ثقيلة تبقى قريبة من سطح الأرض ، والأرض تدفأ في أثناء النهار بطاقة الشمس وأغلب هذه الطاقة تمتصها صخور الأرض وعندما تغيب الشمس تبدأ في إعادة إشعاع هذه الطاقة لتدفئة الأرض، والصخور تردّ إلينا 97% من هذه الحرارة و 2,5% تبقى في فضاء الكون والغازات الثقيلة الناتجة عن إحراق الوقود بمختلف أشكالها تعمل ستارة قريبة من سطح الأرض على بعد 10 إلى 12 كيلو بأبعد تقدير فتحجب هذه النسبة من الحرارة التي من المفترض أنها تنطلق في فضاء الكون فتؤدي هذه العملية إلى ظاهرة الاحتباس الحراري. وأضاف زغلول وهو يتحدث عن مسببات وأسباب هذه الظواهر الكونية وعن هذا الفساد المعنوي والمادي من الإنسان: الاحتباس الحراري له مخاطر كثيرة جدا : مخاطر صحية على الإنسان والحيوان والنبات ، ومن أخطاره الكبيرة انصهار الجليد على مرتفعات الأرض وقمم الجبال وإذا انصهر الجليد بكميات كبيرة فإنه يؤدي إلى رفع مستوى المياه في البحار والمحيطات ومن ثم إلى إغراق كل الجزر المحيطية وكل السهول الساحلية وكل دالات الأنهار ... وتلك الأماكن هي من أكثر الأماكن كثافة وعددا بالعنصر البشري فإذا تضررت هذه الأماكن أضرت بالإنسان ضررا بليغا وفوق ذلك ومع هذا الاحتباس الحراري تضطرب اتجاهات الرياح فتختل طبيعة الحرارة كما هو حادث الآن في روسيا التي وصلت فيها الحرارة 40% درجة مئوية وهذا نتيجة لاختلال حركة الرياح على اليابسة واختلاف حركة الرياح في البحار والمحيطات يؤدي إلى إغراق المناطق الجافة بكميات هائلة من الأمطار ، كما هو حادث الآن في كل من باكستان وكشمير والصين ، وتؤدي كذلك تلك الحركة في مناطق بها أمطار غزيرة فتتبحر وتغرق وكل هذا من عبث الإنسان الذي أمر بالمحافظة على البيئة الأرضية كما سلمها له عز وجل بالإضافة إلى مخالفاته الضوابط الأخلاقية والشرعية والاجتماعية ... وغيرها من الضوابط التي لم يلتزم بها الكثير من البشر. وعن كونها إنذارات وترهيب قال زغلول: بدون شك أن لهذه الظواهر الكونية إنذارات للمخالفة الناشئة من البشر تجاه خالقهم الله سبحانه وتعالى حيث يقول : (إنا كل شيء خلقناه بقدر) فبإفسادنا لهذا النظام الكوني الذي قدره سبحانه لنا بأن لذلك عواقب دنيوية وأخروية.فالرب سبحانه خلق هذا الكون وكل شيء بدقة فائقة وبإحكام شديد فمبالغة الإفساد البشري في هذا النظام يؤدي إلى هذه الاضطرابات والظواهر الكونية التي تحدث. فكل ما يكثر الخبث البشري ينزل العقاب الإلهي كما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم من أصحابه وهو يتحدث عن الهلاك : أنهلك وفينا الصالحون . فقال صلى الله عليه وسلم : نعم إذا كثر الخبث ثم يبعث الناس على نواياهم) .فقد يهلك الأبرياء من الصالحين ولكن يبعثون على نواياهم يوم القيامة. مفهوم شامل فيما علق رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي على هذه المسألة بأن الإسلام دعا إلى المحافظة على المقدرات الكونية وعدم الإفساد فيها بمخالفة أوامر الله وعصيانه فيما أمر سواء الفساد الخلقي أو الفساد في إضطراب أمور المرء واختلال نظام الحياة سواء في البر أو في البحر أو في الماء أو في الهواء فبأعمال الإنسان فسدت البيئة وفسد البر وفسد البحر وكذلك الجو ومفهوم الفساد والإفساد لا ينحصر فقط في القضايا القيمية أو المعنوية وإنما أيضا بقضايا مثل القضايا البيئية والكونية، فما يحدث من ظواهر كوارث طبيعية هي تحقيق لقوله تعالى : (ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون). دلالات شرعية * من جانبه أكد الشيخ الدكتور :احمد محمد بناني أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى سابقًا أن هذه الظواهر الكونية بلا شك لها دلالات شرعية من العذاب أو العقوبة او الرحمة ولكننا لا نجزم بشيء من ذلك. وقال بناني : إن الله سبحانه وتعالى هو خالق هذا الكون فيفعل ما يشاء فيه ويختار ومن حكمته سبحانه انه يحرك الأجرام والكواكب والرياح والفضاء والأرض والسماء....بما يحقق خوف العباد وإشعارهم بحاجتهم إليه وضرورة اللجوء إليه عز وجل عز وجل وان لا يعلم احد النفع والضّر في هذا الكون إلا خالقهم سبحانه وتعالى مما يوجب عليهم التوجه إليه بالخوف والخضوع بالعبادة التي خلقهم من اجلها حيث قال سبحانه : ( وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ) وحين توهّم بعض الناس أن الشمس والقمر قد يخسفان لموت بعض العظماء أو ولادتهم أنكر عليهم المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذلك وقال لهم ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوّف الله بهما عباده فلا تخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وتابع (لذلك فعل العباد ان يتوجهوا حيث الكوارث الطبيعية من فيضانات او سيول أو ارتفاع في درجة الحرارة او براكين أو زلازل ... إلى الله وحدة وفي حال تلك الكوارث تكون الخشية والخوف أعظم مما لم تكن عليه من قبل لان خالقهم عز وجل الذي بيده ملكوت كل شيء. ثم أكد مرة أخرى أن لتلك الكوارث لها دلالات شرعية لا يعلمها إلا خالقها الذي أراد وجود تلك الظواهر بما قد يكون في بعضها عذاب وعقاب وقد يكون فيها رحمة ولطف.