بعد مرور أكثر من أربع سنوات على عدوان تموز (يوليو) الفاشل، وبعد أن اعترف الإسرائيليون أنفسهم بفشل حربهم في تحقيق أيٍّ من أهدافها المعلنة، وبعد سقوط حكومة كاديما بزعامة إيهود أولمرت؛ نتيجة لفشل هذا العدوان، فإن بعض الكتّاب والمثقفين والإعلاميين العرب، ما زالوا مصرّين على أن إسرائيل حققت نصرًا مؤزّرًا من خلال عدوانها المذكور! يقول الزميل والصديق أحمد عدنان من خلال مقالته المنشورة الأسبوع الماضي بجريدة الأخبار اللبنانية: (حين تقع المواجهة بين إسرائيل والمقاومات العربية يعني الانتصار: أن تبقى المقاومات على قيد الحياة فقط..!). ثم يضيف: (لإلياس حنا مقال نشره في صحيفة الشرق الأوسط بعد حرب تموز يشرح الانتصار بطريقة أخرى: لقد ربح حزب الله -فقط- لأنه لم يخسر، وخسرت إسرائيل؛ لأنها -فقط- لم تربح). العجيب في المنطق الذي طرحه الزميل أحمد، ويطرحه معه الكثيرون، أنه يتجاهل المعايير الوحيدة المعتمدة لتعريف النصر والهزيمة في الحروب.. وأقصد بتلك المعايير: مجموعة الأهداف السياسية المطلوب تحقيقها بواسطة العمل العسكري. بالنسبة لعدوان تموز، فقد فشلت الآلة الحربية الإسرائيلية في تحقيق كل الأهداف السياسية والإستراتيجية المعلنة وغير المعلنة. الصهاينة كانوا يهدفون إلى استعادة الجنديين الأسيرين، وإنهاء الخطر الصاروخي، والقضاء على قدرات المقاومة العسكرية، أو تحجيمها على أقل تقدير. كما كانوا يهدفون إلى تصعيد الفتنة الداخلية التي أعقبت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بشكل يفسح المجال لإعداد الساحة الداخلية اللبنانية لحرب أهلية جديدة. وبعد أن تيقّنت القيادة الإسرائيلية من عدم قدرتها على تحقيق أهداف العدوان، لجأ العدو إلى استهداف المدنيين، وضرب البنى التحتية في لبنان. وبالتأكيد فإن استهداف المدنيين، وضرب البنى التحتية دون أن يكون وراء ذلك أي هدف سياسي أو إستراتيجي، هو أعظم دليل على الضعف واليأس. حسابات الربح والخسارة في الحروب لا تتعلّق بالأثر التدميري الذي يلحقه طرف بالطرف الآخر. ولو كان ذلك هو المعيار لما تمكّنا من القول بأن الحلفاء حققوا النصر في حربهم ضد هتلر، ولما تمكّنا من القول بأن الفيتناميين ألحقوا الهزيمة بالأمريكيين، وكذلك الحال بالنسبة للجزائريين والفرنسيين. نعم.. إسرائيل هُزمت، ولو كره البعض ذلك. [email protected]