تنتاب وزارات التجارة والزراعة والتضامن الاجتماعي في مصر حالة من القلق والترقب بعد قرار الحكومة الروسية حظر تصدير القمح من 15 أغسطس الحالي وحتى 31 ديسمبر المقبل في ظل تعاقد مصر على استيراد 180 ألف طن من القمح الروسي محدد ميعاد توريدها اعتبارًا من 1 إلى 10 سبتمبر المقبل، أي في الفترة التي يشملها قرار الحظر في الوقت الذي يكفى الاحتياطي الإستراتيجي من 3 إلى 5 أشهر فقط حسب التصريحات الرسمية،فى حين كشفت مصادر داخل مطاحن شرق الدلتا أن مخزون القمح المحلي والمستورد بمحافظات شمال الدلتا الثماني لا يكفي لأكثر من 45 يوما، وأن مخزون القمح المستورد بالصوامع يبلغ 3 آلاف طن، ولا يتجاوز المخزون المحلي 180 ألف طن في الشون،فيما توقع مراقبون ان يستمر وقف تصدير روسيا القمح لمدة عام على الأقل. من جانبها حذرت غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية من ارتفاع أسعار المنتجات القائمة على القمح في الفترة المقبلة بسبب الارتفاع العالمي في سعره ووقف تصديره من قبل روسيا،كاشفاً أن وزارة التجارة ستتخذ قراراً متوقعا بحظر تصدير القمح حتى يتم احتواء الأزمة بشكل سريع . وقالت: إن أسعار القمح ستشهد زيادة بنسبة تصل إلى 50% في الأيام المقبلة، مشيرة إلى أن القطاع الخاص سيتحوّل إلى الشراء من الولاياتالمتحدة،وهو ما سيؤدي إلى رفع سعر الطن الواحد من 282 دولارًا إلى 340 دولارا لارتفاع تكاليف الشحن. بيع المحاصيل وأضافت أن المزارعين سيحتفظون بالقمح الموجود لديهم،خاصة أن هناك الكثير من الفلاحين باعوا محصولهم بأسعار بلغت 1150 جنيها للطن فقط، وهو ما عرّضهم لخسائر وقتها، وذكرت أن سعر الطن في مصر سيصل إلى 2000 جنيه بنهاية العام وأن ذلك سيؤدي إلى رفع سلع أخرى كالمكرونة والحلويات وغيرهما. وأكد الدكتور عبد السلام جمعة رئيس مركز البحوث الزراعية أن أزمة روسيا ستخلق فجوة كبيرة ليس في مصر فقط وإنما على مستوى السوق العالمي وعجز في الكميات المطروحة، حيث تنتج روسيا ما يقرب من 200 مليون طن من القمح، وتقوم بتخصيص الفائض عن إنتاجها لخدمة التجارة العالمية تطرح ما يقرب من 20 مليون طن في الأسواق أي ما يعادل نسبة 20%، ثم انخفض بعد ليصل إلى 8% ثم قرار الحظر الأخير. وأشار جمعة إلى أن مصر تستورد من روسيا وباكستان وكازاخستان نصف ما تقوم باستيراده من الدول الأخرى، حيث يصل إجمالي الاستيراد العام من القمح من 6 إلى 7 ملايين طن سنويا نصفهم من روسيا فقط. وأضاف أن وزارة الزراعة المصرية قد أعلنت عن إستراتيجية جيدة تقوم بالتركيز على إنتاج الذرة بجانب القمح لسد الفجوة مع التقليل نسبيا من زراعة الأرز واستبدالها بالذرة لتوفير المياه، مشيرا إلى أن نجاح هذه الإستراتيجية سيؤدى إلى كفاية إنتاجنا من القمح بنسبة 80% من احتياجات السوق. أزمة القمح الدكتور إمام الجمسي خبير الاقتصاد الزراعي أوضح أن أزمة القمح الحالية ترجع إلى عدم وجود سياسة واضحة للتعامل مع المحصول . وانتقد الجمسى ربط القمح بالأسعار العالمية وقال: إن الاقتصاد ليس به سعر عالمي وإنما هي أسعار بورصات وأضاف أن سوق القمح العالمي احتكاري تتحكم فيه مجموعة دولية وهناك 10 دول تقوم بتصدير 87% من القمح في السوق العالمية وأكد الجمسي ضرورة وجود سياسة زراعية تعترف بالمحاصيل الإستراتيجية وفي مقدمتها القمح كمحصول يتعلق بالأمن القومي وأن زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي تتطلب الاهتمام ب "مربي" القمح وخلق جيل جديد منهم لمتابعة الأبحاث والدراسات الخاصة بزيادة الإنتاجية التي توقفت عند 18 أردبا للفدان منذ عدة سنوات بسبب عدم توفير التمويل اللازم للبحوث والمشاريع البحثية وأن القرار السياسي وحريته مرتبط بالاكتفاء الذاتي من القمح ويمكن أن يكون لدينا المال ونعجز في الحصول علي القمح لأسباب سياسية واقترح برفع المخزون الاستراتيجي إلى عامٍ بدلًا من ثلاثة أشهر أو ستة أشهر وهو ما يسمح بإجراء تعاقدات لفترات طويلة يمكنها أن تخفّض تكلفة الشراء. أجندة جديدة وفي دراسة شارك فيها معهد بحوث المحاصيل الحقلية ومعهد بحوث الاقتصاد الزراعي أكدت أن كميات القمح المستهلكة في مصر سنويا يأتي نصفها بواسطة الاستيراد وهو الأمر الذي يتطلب مواجهة أزمة الفقد في المحصول في جميع مراحله من قمح أو دقيق أو خبز وقالت الدراسة: إن كميات كبيرة من المحصول يتم تسريبها خارج الإطار المعروف لاستخدامها وقال د. حمدى عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية : إن جانب الدراسات والخبراء حذروا من أن هناك أزمة ستحدث ولكن دون وجود أجندة محددة للتعامل مع الأزمات المستقبلية،مشيرا إلى أن هناك أزمة حقيقية فى الخبز ستتعرض لها مصر باعتبار أن المخزون الاستراتيجي لا يكفى لشهور حيث تستورد مصر 6 ملايين طن قمح سنويا، منها 3 ملايين طن من القمح الروسي. وأوضح أن الأزمة ستتضح معالمها بعد ثلاثة أشهر بعد بدء نفاد المخزون في الوقت الذي ستبدأ فيه مستخرجات القمح في الارتفاع من الأول من رمضان،الأمر الذي يحتاج إلى إستراتيجية وحلول سريعة للأزمة التى كانت الحكومة وقراراتها الخاطئة سببا رئيسيا فيها،بما فيها من شحنات القمح الفاسد التى تم استيرادها .