قال الشيخ والخطيب بدر بن علي بن طامي العتيبي "عضو الدعوة والإرشاد ": لقد كانت من أولى بشائر بركات الشهر الكريم أن أصدر خادم الحرمين الشريفين بيانه الذي أثلج صدور المؤمنين بقصر الفتاوى العامة على هيئة كبار العلماء، وتلك رغبة الكثير من الغيورين على الدين لتجاسر أهل الضلالة والجهل على حمى الدين، والقول على الله تعالى بغير علم، والله تعالى جعل القول على الله بغير علمٍ قرينًا للتجاسر على الفواحش والإثم والبغي والشرك بالله تعالى، فقال: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) {الأعراف:33}. والإفتاء بغير علمٍ يشمل القول على الله تعالى بغير علمٍ كيفما كان ذلك: تقريراً أو إجابة لسؤال أو مساهمة برأي، وبذلك يُستراح من كثيرٍ من الأقلام والألسن الغاشمة عبر عددٍ من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، والتي تخوض في دين الله تعالى بغير علمٍ، وتتهجم على كثير من الثوابت الشرعية، والقواعد الدينية، مع ما في ذلك من التطاول على علماء المسلمين، ورموز الدين، فمثل هؤلاء يد السلطان خير مانع لهم من تلك التجاوزات، كما ذكر ابن مفلح الحنبلي في كتابه "الآداب الشرعية" أن ربيعة الرأي رحمه الله تعالى بكى ذات مرة، فقيل: ما يبكيك ؟ فقال: استفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم، وقال: ولبعض من يفتي هاهنا أحق بالسجن من السراق، انتهى. واضاف : هذا القرار الملكي يحجب العديد من الألسن والأقلام عبر وسائل الإعلام الرسمية من التجاسر إلى ذلك إلا من استثنى الخطاب بالإذن الرسمي. وليس في ذلك مصادرة لأي رأي بغير عدلٍ ونزاهة، وإنما في ذلك الضبط التام لهذا الباب، ودور العلماء مفتوحة أبوابها إلى كافة الأطروحات العلمية، وهي تنقدها بدورها، فتقرّ ما يوافق الكتاب والسنة وكلام السلف الصالح، وتردّ ما خالف ذلك.وقال الشيخ العتيبي: كما أن الفتيا بعد ذلك ترتقب للإذن الرسمي، فحبذا أن من ليسوا أهلاً للإفتاء، والكلام في دين الله تعالى بغير علم أن يكون لهم الحظ من التشهير والتحذير حتى لا يهلك بهم الناس، إذ العموميات تتحكم فيها الرؤى والرغبات.