وجه سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي المملكة نداءه إلى ملاك القنوات الفضائية، التي تعرض على شاشاتها الأغاني، والرقص، والمسلسلات، موضحًا خطورة الاستهتار بعرض ما حرم الله على المسلمين. وقال سماحته: “على ملاك هذه القنوات أن يخافوا الله، ويتقوا عذابه وأن يراعوا قدسية شهر رمضان، وان يمتنعوا عن عرض هذه (الأمور التافهة) التي تشتد حرمتها في هذا الشهر”. وأكد سماحته أن من يعرض هذه المواد يكون قد عرض نفسه لسخط الله وغضبه مشيرًا إلى عظم خطورة المواد “الفاضحة” على حياة المسلم. هذا النداء يتكرر كل عام في معظم مجتمعاتنا المسلمة من الصالحين والأفاضل الذين يهمهم أن نحسن استقبال هذا الشهر بما يليق به وهو أفضل الشهور في السنة وليس هناك مجيب بل بالعكس نجد أن شياطين الإنس يتفننون في تكثيف هذه المسلسلات التي تقترن بشهر القرآن والمغفرة ويرددون أنها في رمضان وكأنها أصبحت قرينة لشهر القرآن !! من المسؤول عن هذا السفه؟؟ ومن سيحاسب هؤلاء الملاك لهذه القنوات السخيفة والتي لا تعرض سوى المعاصي وتكثر منها في شهر العبادة الذي يفترض أن يكون واحة رحمة نستغرق دقائقه وثوانيه في الاستغفار والعبادات وذكر الله سبحانه وتعالى. شهر رمضان شهر كريم، ورد ذكره في القرآن، وخصه الله سبحانه وتعالى بعبادة عظيمة القدر، عظيمة الأجر، فيها ليلة عظيمة شريفة، نزل فيها أشرف الملائكة على أشرف الخلق بأشرف كتاب قال الله سبحانه وتعالى: إنّا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلامٌ هي حتّى مطلع الفجر)، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلّق أبواب النار، وتصفد الشياطين. ويتكثف نزول الملائكة. وقد جاء في حديث الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلّقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد كل ليلة يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة”. إن العمرة فيه تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وصلاة التراويح تميزه عن بقية الشهور. فكيف يسهم اصحاب هذه القنوات التي تجتهد في إلهاء المشاهدين كي يبتعدوا عن خيرات ومنافع وبركة هذه الليالي القادمة لشهر له قدسيته علي المستوى الفردي والمجتمعي. شهر رمضان شهر نوراني يطل مرة في العام ولا يدري أي منا هل سيكمله أم لا؟ وهل سيعود عليه هذا الشهر أم لا؟ من منا يعلم ساعة رحيله من هذا العالم؟ هل يعلم أصحاب هذه القنوات متى سيرحلون وهم مثقلون بوزر جميع من ستطاله هذه المعاصي وهذه المنكرات؟ إنّ مقدار الأجر الذي قد يفوت الإنسان من ترك صيام هذا الشهر كبير، ففي الحديث القدسي قال الله سبحانه وتعالى: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ).متفق عليه. فهل ما سيبث من مسلسلات وبرامج مسابقات تافهة يتم فيها استضافة تافهين لا علم لهم ولا نفع سوى إلهاء الصائمين. ستعوضهم عن تضاعف أعمالهم وحسناتهم؟ وعن وعد الله لهم بما سيجزيهم به. وكما ذكر الشيخ محمد سعيد البوطي: (هذا الشهر منحة لنطهر أنفسنا من دنس العصيان، ومغتسل التوبة أمامنا موجود، وباب الرجوع إلى الله مفتوح، ولا سيما هذا الشهر المبارك الذي جعله الله عز وجل مثابة رجوعٍ إلى الله واصطلاح مع الله سبحانه وتعالى. غدًا إذا طرق بابنا ملكُ الموت وآذنَنَا بالرحيل نكون قد أخذنا معنا إلى الله عز وجل بطاقة التوبة، بطاقة الإنابة إلى الله، أقول هذا لنفسي ولكل فردٍ منكم على كل المستويات وعلى كل الدرجات، نحن راحلون، نحن ذاهبون من هذه الحياة الدنيا، نحن نعيش في مستودع وغدًا نتجه إلى المستقر {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ}، [الأنعام:6/98]، يا عباد الله آتوا المستقر حقه كما أعطيتم المستودع الدنيوي أيضًا حقه). اللهم بلغنا صيامه وقيامه.. واجعلنا من عتقائك من النار.