امتدح الدكتور عبدالحميد حواس أستاذ الأدب الشعبي ومستشار دراسات وأبحاث الثقافة الشعبية بوزارات الثقافة المصرية كتاب “لماذا يصفق المصريون” للباحث الدكتور عماد عبدالله باعتباره الأول من نوعه في المكتبة العربية الذى يحاول وضع أساس علمي لتصفيق في المجتمعات العربية بصفة عامة، والمجتمع المصري على وجه الخصوص.. ورغم ذلك أخذ كواس على الكتاب أنه اهتم بالنواحي السياسية أكثر من تركيز الدراسة على خطب الرؤساء فقط. وكانت “دار العين” الناشرة للكتاب قد عقدت حلقة نقاشية حوله، أوضح فيها حواس أن الكتاب الذي يقع في 236 صفحة يسعى إلى تعميق الوعي بظاهرة التصفيق في التواصل الجماهيري، موضحًا أن الجماهير غالبًا ما تمارس التصفيق في حالات كثيرة عندما تحس أن ما يقال يهمها ويدغدغ مشاعرها، سواء أكان ذلك في الخطب السياسية أو في حفلات الغناء أو في مباريات كرة القدم أو في المسرحيات، ومن هنا جاءت أهمية الكتاب الذي يعد الأول من نوعه، مؤكدًا أن هناك الكثير من أصحاب الخطب يسعون إلى التلاقي مع الجمهور الذي يتم عن طريق التصفيق من خلال حسن أقوالهم، سواء إن كان ذلك خطب سياسية أو غناء أو غيره، فيما يتم بين الجمهور وصاحب المنصة. وأضاف حواس: “إن التصفيق قد يكون أداة للتلاعب بالجماهير، فالتصفيق في الوقت الراهن أصبح مهنة، فهؤلاء الذين يتقنون التصفيق ربما لا يتقنون شيئًا آخر، خاصة بعد أن تحوّل التصفيق والتشجيع والتهليل إلي مهن يقتات منها البعض الذين يملئون ساحات البرامج الحوارية أو فضاء الملاعب الرياضية أو الموسيقية أو الغنائية، مشيرًا إلى أن التصفيق من الناحية الاجتماعية هدفه التواصل، ويشعر به من يقوم بإلقاء كلمته”. وقال: “إن انتشار التصفيق في الأرض من أقصاها إلى أقصاها ينظر إليه على أنه علامة حيّة على التأثير الذي أحدثته الهيمنة الثقافية والإعلامية في العالم المعاصر”، وأضاف: “إن التصفيق في أغلب الأحيان علامة على إعجاب الجماهير وحماستهم وتأييدهم للشخص الذي يصفقون له، مشيرًا إلى أن الكتاب معني بالكشف عن الطرق التي تستخدم للاستحواذ على إعجاب المصريين، وإشعال حماسهم وكسب رضاهم وتأييدهم أثناء التواصل الجماهيري”. فيم يرى الدكتور شريف يونس المؤرخ والمترجم وأستاذ التاريخ بجامعة حلوان أن التصفيق أصبح سلوكًا يصاحبنا في حياتنا اليومية، فهو وسيلة للتعبير عن الفرح والاندهاش والإعجاب، مضيفًا: “إن أكف المصريين التهبت بالتصفيق منذ قرون طويلة، وزادت حدتها في الخمسينات والستينات للوحدة العربية والقومية العربية، وفي السبعينات صفق المصريون بعد الانتصار الذي حدث في السادس من أكتوبر عام 1973، والتصفيق هو الفعل الرمزي الذي ينقل للحاكم مشاعر الشعب بالرضا، وإعلان قاطع عمّا يكنونه من مشاعر الاستحسان لحاكمهم، مبينًا أن اليونانيين ربما كانوا أقدم الشعوب التي عرفت مهنة المصفق المأجور، أي الشخص الذي يحصل على مقابل مادي نظير التصفيق المتحمس لمسرحية معينة أو أداء موسيقى ما، وكان التصفيق في مصر الفرعونية أداة الإيقاع الأساسية، وكان يصاحب عادة حفلات الرقص والغناء التي أبدع في فنونها المصريون”. وقال د. شريف: “إن العرب عرفوا التصفيق قبل الإسلام، واستخدمه أعداؤه أداة للتشويش على المسلمين في بداية دعوتهم، فيذكر المفسرون أن بعض القرشيين ممن عارضوا دعوة النبي محمّد -عليه الصلاة والسلام- كانوا يصفقون كلما قام ليدعو الناس إلى دينه الجديد، حتى لا يستطيع أحد سماعه أو التأثر به”. مشيرًا إلى أنه في الوقت الراهن تحوّل التصفيق إلى مهارة تواصلية، وأن الحضارة اليونانية من الحضارات التي عرفت التصفيق، حيث كان وسيلة إظهار استحسان من الجمهور وإعجابهم بالعروض المسرحية أو الموسيقية أو الغنائية التي يشاهدونها، كما أن التصفيق الآن أصبح مكوّنًا أساسيًّا من مكوّنات الخطابة السياسية في معظم ثقافات العالم، فالخطبة السياسية المعاصرة تتكوّن من سلسلة متتابعة من الكلام الذي يتلوه تصفيق، وقد توغل التصفيق في الخطب السياسية إلي حد أنه في بعض الأحيان يشغل مساحة زمنية تكاد لا تقل كثيرًا عن المساحة الزمنية لكلام الخطيب، وكانوا يستمعون إليها بسعادة بالغة. وأضاف المؤرخ المصري: إن التصفيق انتقل من المجتمعين -الفرعوني واليوناني- إلى المجتمعات العبرانية القديمة، وإن اختلفت دلالته وغايته، منوهًا إلى أن التصفيق يحظى بأهمية خاصة في التواصل السياسي، حيث أفرد الباحث الفصل الثاني لدراسة التصفيق أثناء الخطابة السياسية التي تعدّ شكلًا من أشكال التواصل السياسي وأكثرها انتشارًا وتأثيرًا في المجتمع المصري.