ما تناقلته المصادر الإعلامية مؤخرًا حول النصيحة التي وجهها رئيس إسرائيل شيمون بيريز إلى السلطة الفلسطينية عبر الوزير الإسرائيلي السابق حاييم رامون بعدم الدخول في مفاوضات مباشرة مع حكومة بنيامين نتنياهو لأن هكذا مفاوضات لن تكون سوى إهدار للوقت، وأن الفلسطينيين لن يحصلوا على أي شيء من نتانياهو ، هذه النصيحة تعكس، إلى جانب الاختلاف في الرؤية الإسرائيلية حيال حل الدولتين - لا سيما بعد تبني العديد من الساسة الإسرائيليين لحل الدولة الواحدة - خلافًا جوهريًا بين حزبي الليكود والعمل، بما يمكن أن يؤدي إلى انتخابات مبكرة لا سيما مع وجود خلافات أخرى بين حزبي كاديما الذي ينتمي إليه رامون، وبين الليكود، إلى جانب الخلافات داخل حزب الليكود نفسه، وداخل حكومة نتانياهو ذاتها ، وعلى الأخص بين نتانياهو ووزير خارجيته أفيجدور ليبرمان. بيد أن الرهان الفلسطيني على استثمار الخلافات الإسرائيلية لا يبدو منطقيًا أو ممكنًا في ظل استمرار الانقسام الفلسطيني الذي يتخطى في واقعه المحزن وآثاره المؤسفة كل أنواع الخلافات والاختلافات. ومع ذلك ، وبالرغم من عدم قيام الفلسطينيين بأي مبادرة شجاعة لإنهاء الانقسام بين السلطة وحماس، وطي صفحته المقيتة، فإن الفرصة لا تزال سانحة لاتخاذ هذه الخطوة التي لا غنى عنها لإعادة الرقم الصعب إلى معادلة النزاع مع إسرائيل. اعتراف الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتعرضه لضغط لم يسبق أن تعرض له في حياته للقبول بالمفاوضات المباشرة يجعل نصيحة ثعلب حزب العمل (بيريز) بلا قيمة، لأنها في حقيقة الأمر تستخدم ورقة المفاوضات لمصالح حزبية إسرائيلية، لكن يمكن لعباس الدخول في تلك التجربة مجددًا بعد التأكد من استناد المفاوضات المقبلة إلى مرجعيات واضحة وتعهدات أمريكية محددة وقاطعة ومكتوبة ومعلنة تهيئ الأجواء للتفاوض ضمن إطار زمني محدد لجعل حل الدولتين ممكنًا على أرض الواقع في القريب المنظور.. قبل كل هذا وبعده يجب أن يكون لدى الطرف الفلسطيني/ العربي خيارات وبدائل أخرى مزعجة للجانب الإسرائيلي في حال وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.. وإلا.. فما الذي يدفع إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة ما دام بوسعها الاحتفاظ بها دون ثمن باهظ ولمدى زمني طويل.