حسين عبدالله - بيروت لم ينل لبنان هذا الاهتمام الكبير من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز صدفة، بل لأن خادم الحرمين الشريفين قائد يتحلى بالنخوة والشهامة العربية، فلا يمكنه ان يرى بلدا عربيا يمر بأزمة إلا ويهب لنصرته، فهو القائد الذي لا يهدأ له بال إلا إذا اجتمع العرب على كلمة واحدة، ولبنان الذي مر بأزمات ومحن عديدة كان على الدوام في صدارة اهتمام خادم الحرمين الشريفين وفي صدارة اهتمامات المملكة منذ بدايات تأسيسها، وحظي بهذه الرعاية الكبيرة المميزة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. فقد كانت المملكة منذ ثلاثينيات القرن الماضي مقصدا لمئات والاف اللبنانيين للعمل، كما تعود السعوديون زيارة لبنان للراحة والاصطياف والطبابة والعلم. لقد اتسمت العلاقات اللبنانية – السعودية منذ بدايتها بالتحسن المضطرد على الصعيد الاقتصادي، وتوافد على المملكة عدد من اللبنانيين الذين برزوا في مضمار المشروعات الكبرى. وتعززت العلاقات السعودية اللبنانية على مدى العقود الماضية لأن المملكة كانت الى جانب كل اللبنانيين فهي لم تقف مع فريق ضد آخر انطلاقا من سياسة حكيمة انتهجتها حيال الاحداث التي عصفت بلبنان تقوم على قاعدتين: أولاهما عدم الانحياز إلى فريق على حساب فريق آخر والوقوف على مسافة متساوية من كل الفرق، ثانيتهما عدم التورط في الصراع العسكري والتوسط فقط عندما تتضح احتمالات التسوية السياسية. واعتمدت المملكة هذه السياسة، فلم تسلح أو تمول أو تدعم طرفاً في وجه الأطراف الأخرى، رافضة تجاوز السلطة الشرعية في تقديم المساعدات الى لبنان لانها ترى فيها المرجع الصالح والجامع لكل اللبنانيين، من هذا المنطلق ساعدت وساندت المملكة العهود اللبنانية على اختلافها. في المقابل كانت السعودية تحجم حين تشتد وطأة الاقتتال بين اللبنانيين أو بين اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين، وكانت تتقدم حين تبرز معالم إرادة داخلية أو خارجية في ايجاد تسوية متوازنة لصالح كل المتنازعين، فقد لعبت المملكة في ذروة دورة العنف في لبنان دور مطفئ الحريق اللبناني و انهاء التصادم بين الفرقاء ووضع حد للتناقض بينهم. وارتكزت سياسة المملكة الخارجية الى ثلاثة محاور: انتشال لبنان من محنته وازمته و ترسيخ الاستقرار فيه، وثانيا الحفاظ على وحدته الوطنية، وثالثا تعزيز الدولة وتقويتها. وقد نجحت المملكة في سياستها الوحدوية تلك على الرغم من حساسية الملف اللبناني بكل دقائقه، ودفعت المملكة في العام 1988 بكل قوتها لانهاء الحرب الاهلية في لبنان وضرورة ايجاد تسوية سياسية، انطلاقا من اعادة السيادة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية، فدعت النواب اللبنانيين للاجتماع في مدينة الطائف في 30 أيلول من العام 1989. وطرح وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل على المجتمعين في مدينة الطائف مشروع اتفاق يتألف من ثلاثة عناوين رئيسية: وقف الحرب، الاصلاحات السياسية، والعلاقات المميزة مع سوريا، ولعب الأمير سعود الفيصل دوراً مميزاً في تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر، وطمأنة المتخوفين والتخفيف من تعنت المتشددين.