هناك منتجع يطلّ مباشرة على البحر في كورنيش جدّة، ووحداته تُذكّرني ببيوت الإنجليز البخلاء لصغرها وقلّة غرفها وضيقها، وفي كلٍ منها تلفزيون يتعطّل حال فتح النوافذ وتعرّضه للهواء الرطب، ومسبح لا يصلح إلاّ للأطفال الرُضّع، ولو صُنِّف بأمانة لما مُنِحَ سوى نجمتيْن أو ثلاث على الأكثر!. (حزّروا فزّروا) كم تكلفة الإقامة فيه صيفاً في الليلة الواحدة بالريال؟ (1000)؟ لا، (2000)؟ لا، (3000)؟ لا، (4000)؟ لا، (4900)؟ نعم!!! ممّا يُساويها تقريباً بالراتب الشهري غير البهيج للمهندس السعودي الخرّيج!. هذا مثال ساطع كالشمس لغلاء السياحة الداخلية، ويستحقّ أن يُفْتي العلماء في حُكْمه، كما يستحق تدخّل هيئة السياحة، لكن يبدو أنّ مسؤوليها مشغولون بسياحتهم في الخارج!. وعموماً، فكورنيش جدّة.. غير، لأنه قد يكون الكورنيش الوحيد في العالم الذي سُمِح فيه بإقامة منشآت تجارية مُطلّة على البحر مباشرة، إمّا بشراء المستثمرين لأراض كانت من المفترض أن تكون شواطئ عامّة، فغالوا في أسعارهم لتعويض تكلفة شرائهم العالية لها، وإمّا أنّ الأمانة أجّرتها لهم بأسعار مرتفعة، فإن كان هذا هو الحال فلماذا لم تستغلّ الأمانة قيمة الإيجار في تحسين بُنية جدّة؟! وإمّا أنها أجّرتها لهم بأسعار رمزية، وهذه طامّة كُبرى، إذ لماذا إذن يُغالي المستثمرون في أسعارهم التي دخلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية؟!. ومع هذا الغلاء الفاحش، حقّ للمواطن أن يسيح في الخارج، فتكلفة ليلة هنا تكفيه شهراً هناك، فاغفر له يا وطن، لقد أجبروه على ذلك، وهو يدّخر ماله في سنوات، وابن وطنه يقبضه منه في ليلة، وابن وطنه المسؤول يتفرّج عليه صامتا!. فاكس 026062287 [email protected]