قبل أكثر من ثلاثين عاما وعندما كثر الكلام حول سوء الطرق وكثرة الحفر والمطبات في شوارعنا آنذاك، صرح مسؤول كبير أن الإسفلت في بلادنا مؤقت.! واليوم ونحن في العام 1431ه ويبدو أن المسؤول نفسه لو وجه إليه السؤال نفسه لما تغيرت إجابته حرفا واحدا، لأن الواقع يقول ذلك وبكل صراحة ووضوح، ففي كل مدننا الكبيرة والصغيرة نجد أنه ما من شارع ولا طريق يمر عليه طويل وقت دون حفريات وإعادة سفلتة ومن ثم حفريات أخرى وسفلتة جديدة، ومعظم الأوقات تتجدد التحويلات وقفل الطرق وبكل بساطة، ولذلك فإن الإسفلت وبكل جدارة مؤقت وسيبقى مؤقتا وربما إلى ما لا نهاية. لا أدري ما إجابة الأمانات والبلديات حول هذا الواقع المؤلم، ولماذا تعيش شوارعنا وطرقاتنا هذه المشكلة ولمدة عقود وعقود، وهل سيأتي الوقت الذي سنرتاح فيه من هذه الحفريات والمطبات والتحويلات، ولعلنا نستبق الحدث ومن باب التفاؤل (أو التخدير) نقول: إن هذه الحالة هي أكبر دليل على أن بلادنا الغالية تمر بمرحلة تنمية وتطوير مستمرة وهذه الحال دليل صحة لا مؤشر على وجود خلل، ولذلك فلنحمد الله على ما نحن فيه، إذ أن سوانا في دول أخرى ليس لديهم أية طبقة من طبقات الإسفلت التي تتمتع بها شوارعنا، بل معظم طرق وشوارع تلك البلاد ترابية وغير منظمة وليس لديهم أرصفة للمشاة ولا جزر وسطية. ومن المشاهد أن من أسباب كثرة وتجدد الحفريات ما يكتب على اللوحات المصاحبة لها “مشروع تجديد الشبكة” وهي علامة على أننا سنعايش هذه الصورة ربما لقرون طالما أن عملية تجديد الشبكات أيا كان نوعها سيتم بصورة مستديمة ولن يتوقف، فهل هذا هو الحل الأنسب والأفضل “تجديد الشبكات” أم أن ثمة طرقا وأساليب أخرى يمكن من خلالها تجديد كل الشبكات دون المساس بالطرق والشوارع، وهل إذا كان لدينا تخطيط واعٍ ورؤية مستقبلية جادة يمكننا الاستغناء عن أسلوب التجديد الذي أصابنا في مقتل، فكم من الأوقات وكم من الأموال وكم من الجهود ضاعت هباء بسبب هذه الطريقة التي عفا عليها الدهر، والخسائر هذه ليست على مستوى الدولة فحسب، بل حتى على مستوى الأفراد الذين تضيع أوقاتهم في التحويلات المرورية و الازدحامات الناتجة عن ذلك عند الإشارات أو عند محاولة الوصول إلى البيوت أو مقرات الأعمال، وكم من حوادث مميتة أو مخربة للسيارات على الأقل، ذلك كله بسبب الحفريات والتحويلات والشبكات المتجددة. [email protected]