في تقديمه لكتاب «أسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم» يقول مؤلفه «فتحي حسان محمد» إننا في زمن الرواية المشاهدة، والدليل على ذلك أن العرب قد فطروا وجبلوا على حب الحكي المسموع أكثر من المقروء. وعندما صار الحكي مشاهدًا أخذ ألبابهم وسحر قلوبهم ووجدوا فيه ضالتهم لما فيه من اليسر والسهولة في استقباله وتلقيه ولما فيه من تفريج وتسرية. يقول الكاتب إنه بعد أن فرغ من قراءة كتاب “فن الشعر” لأرسطو، ثم كتابات شراحه ومن تناولوه بالنقاش قديمًا وحديثًا، الذين أجمعوا على تفرد أرسطو في علم الدراما، وعلى أن كاتبًا أو مفكرًا أو مبدعًا لم يستطع أن يغير أو يضيف إلى الأسس التي أوردها أرسطو في كتابه، ولما كان الكاتب «فتحي حسان محمد» يدرك إدراكًا ملأ عليه قلبه وعقله اننا نمتلك كتابًا جامعا مانعًا معجزًا هو كتاب الله القرآن الكريم، فقد أخذ يسأل نفسه: هل أورد الله أسس الدراما في القرآن الكريم؟ وفي محاولته الإجابة على هذا السئوال، بدأ دراسة قصص القرآن الكريم، وكان بحثه الأول في قصة سيدنا يوسف في سورة يوسف، ومنها توصل إلى أن هناك نوعين من القصة، حيث القول شيء والفعل شيء آخر، ومن هنا اتضح أن النوع الأول من القصة هو القصة القولية التي أداتها القص وتخبر عن الماضي، وأن النوع الثاني من القصة هو القصة الفعلية ولا تتحقق إلا في الحاضر تشبيهًا أو تمثيلًا. في الفصل الذي يتناول مفهوم المأساة من القرآن يتعرض الكاتب للمعيار الوحيد معظم المأساة، الذي تحدده العلاقة بين القوة العليا (الله) والقوة الضعيفة (الإنسان) وهذه العلاقة تتجلى في اعتقاد الكاتب، في الطاعة أو المعصية، وتفرز ثلاثة انواع للنفوس البشرية كما حددها الله، وهم: الطائع والعاصى والمزاوج بينهما، فمن يطع الله ورسوله فهو صاحب النفس المطمئنة، ومن يخالف أمر الله ورسوله فهو من أصحاب النفس الأمارة بالسوء، وأما من يزاوج بين الطاعة والمعصية فهو صاحب النفس التي أقسم الله بها و “لا اقسم بالنفس اللوامة” لحبه لهذه النفس الصالحة التي تحاسب صاحبها وتلومه على ترك الطاعات وارتكاب المعاصي، واعدًا إياها بالعفو والسماح والغفران حال الرجوع إليه توبة عن المعصية. يقول الكاتب إن المعنى الأول للملهاه هو الضحك «وانه هو اضحك وأبكى» (سورة النجم)، ومعنى ذلك أن الله سجانه وتعالى أضحك من شاء في الدنيا بأن سره، وأفرحه عند طاعته ونجاحه في الابتلاء وأبكى من شاء بأن غمه أو أحزنه عند معصيته وعناده وسقوطه في الامتحان. ويضيف الكاتب أن الوجه الثاني للملهاة هو الإلهاء عن الحزن بالفرح، فالحزن هو مرض الروح ووباؤها ومبعث تلوثها وأدرانها واضطرابها وخللها وخروجها على طورها الطبيعي إلى غيره، مما لا يمكنها القيام بواجباتها ومسؤولياتها خير قيام، الأمر الذي يتطلب التطهر من هذه الأوبئة وتلك الشوائب والاضطرابات والعلاج هو إصلاح للخلل حتى إعادته على طبيعته ويكون العلاج هو الفرح والسعادة.