جاءت الزيارة الخامسة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو- الذي أطلق عليه جدعون ليفي في مقال له في هآرتس الخميس لقب «بيبي المخادع»- لواشنطن بمثابة كرت بلانش أمريكي جديد لنتنياهو يفوق في مزاياه رسالة الضمانات التي منحها الرئيس بوش لشارون في 14/4/2004 ،حيث تضمن هذا الكرت عمل كل ما يحلو لبيبي عمله من أفعال وممارسات ضد الفلسطينيين ، إلى جانب ليس فقط استمرار سياسة غض الطرف عن الترسانة النووية الإسرائيلية التي تفوق في حجمها الترسانة النووية البريطانية ، وإنما أيضًا الوعد بتزويد إسرائيل بالوقود النووي (للأغراض السلمية؟) . لذا لم يكن من المستغرب أن يبادر نتنياهو فور عودته من زيارته الناجحة جدًا لأمريكا إلى المصادقة على بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في القدس العربية ، وهدم المزيد من بيوتها ، وإصدار المزيد من أوامر الإبعاد والاعتقال في حق المقدسيين ، وهو ما يعني أن أوباما تنكر لكل مواقفه السابقة ولخطابيه في جامعة القاهرة وجامعة استانبول ، ولكل تصريحاته التي اعتبرها العرب مؤشرات على حدوث تغير دراماتيكي في السياسة الأمريكية التقليدية إزاء النزاع العربي – الإسرائيلي. فقد تبخرت تلك التصريحات التي أطلقها أوباما ومساعدوه خلال الأشهر الماضية مثل قوله الذي صدقه البعض بأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي «مصلحة أمنية قومية حيوية للولايات المتحدة» ،وقول نائبه بايدن الذي واجه به نتنياهو على انفراد وأخبره أن سياسات إسرائيل تهدد القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان ، وقول الجنرال دافيد بتريوس إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يعتبر عقبة أمام انتهاء الحرب في العراق وأفغانستان . كما أن تجاهل أوباما للقرصنة الإسرائيلية التي أدت إلى توتير العلاقات مع تركيا التي تعتبر حليفة استراتيجية لأمريكا أمكن فهمه على أن واشنطن تؤيد إسرائيل في ممارسة هذا النوع من الإرهاب الأممي طالما أنه يخدم مصالحها الأمنية. كل ذلك يحدث ولا تزال الوعود الأمريكية تتحدث عن حل الدولتين وضرورة أن تؤدي (المفاوضات) بين إسرائيل والفلسطينيين إلى قيام الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة القابلة للحياة ضمن أكبر عملية غسيل دماغ لشعب لا يزال يصدق تلك الوعود ويحلم بأن تتحقق يومًا ما. وللعلم فقد بشر بوش الابن بهذا الوعد في خطاب له في 24/6/2002 عبر صيغة الدولتين اللتين تعيشان جنبًا إلى جنب ضمن جدول زمني مدته 3 سنوات ، وبشر توني بلير أيضًا بالدولة الفلسطينية خلال مؤتمر حزب العمال في بلاك بول في سبتمبر 2002 بالقول إن هكذا دولة يمكن قيامها في غضون عام. الشعب الفلسطيني الذي شبع وعودا كاذبة يتعين عليه الابتهاج والتفاؤل والصبر إثر كل وعد أمريكي أو بريطاني جديد ، وعليه أن يتحلى بفضيلة الصمت والحياء إزاء كل انتهاك إسرائيلي جديد ، وعليه أيضًا أن يثبت كل يوم إنه ملتزم بعدم تعكير صفو أمن إسرائيل أو مزاج بيبي والمستوطنين ، حتى لا تتوقف الوعود الأمريكية ، ويفقد الفلسطينيون حلمهم في الدولة !.