سلام الله على نبي أسري به من مكة إلى بيت المقدس وعرج به من بيت المقدس الى السماوات العُلى ثم إلى سدرة المنتهى ثم اللقاء بمالك السموات والأرض ومابينهما سبحانه جل في علاه. في ذكرى حادثة الاسراء والمعراج لنا وقفة مع الزمان والمكان لهذه الحادثة المؤرخة في السيرة النبوية المباركة بعيدا عن كل ما يقال عن حكم الاحتفال بهذه الذكرى ، ولكن كم نحن بحاجة في هذا الزمان لأخذ العبرة والعظة من هذه الحادثة العظيمة في تاريخ الكون بأسره. نبي هو الخاتم عليه أفضل الصلاة وأتم السلام يختاره ربه عز وجل لهذه المعجزة الربانية لينتقل به من رحاب مكةالمكرمة ومن جوار الحرم المكي الى رحاب بيت المقدس إلى المسجد الأقصى المبارك ليتخطى كل الحواجز والمسافات بقوة وطاقة لا تتهيأ لبشر ولكنها تهيأت بقدرة الله لنبي ليس كبقية البشر ليخترق كل القوانين الأرضية الفيزيائية الاعتيادية لأي عقل بشري. وقفة مع المعراج والبراق الذي كان وسيلة النقل في رحلتي الاسراء والمعراج ، وفي تلك اللحظات التي تجلت فيها عظمة الخالق الذي أمره بين الكاف والنون إن أراد شيئاً قال له كن فيكون. دروس وعبر في أمر يحتاج الى يقين ، يقين بقدرة الله ويقين بصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم ، المحن تفرز حقائق الرجال وهذه الحادثة أفرزت رجالاً عظماء كأبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي قال ( إن كان قد قال فقد صدق) ايمانه يعدل ايمان الأمة في كفة ميزان ترجح لصالح خير من طلعت عليه الشمس بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام. درس لكل صاحب هم وقلب مكلوم ألا يلتفت قلبه إلا لله ، فهذا قلب محمد عليه الصلاة والسلام يحمل هم الأمة كلها ويحمل أمانة تنوء بها الجبال ، ماتت زوجته خديجة التي كان يأوي إليها عند تعبه ومات عمه أبو طالب الذي كان يحميه فأصبح يبحث عن رجال صدق يعينونه في تبليغ دعوة الله ، ذهب الى ثقيف ولقي من أهلها مالقي فلجأ الى حائط ودعا ربه بالدعاء المأثور ( اللهم اليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس.........) هنا تتجلى قوة الإيمان وتفويض الأمر الى الله في المصائب والهموم والكروب عندما يتبرأ الإنسان من حوله وقوته الى حول الله وقوته ، درس عظيم يعلمنا الله إياه عندما تأتي حادثة الإسراء والمعراج إيناسا وسكنا وطمأنينة للمصطفى صلى الله عليه وسلم وإعلانا له إن كان أهل الأرض لم يعرفوا قدرك فإن أهل السماء قد عرفوك فأنت إمام المرسلين وحبيب رب العالمين. ما أحوج جيل اليوم من الشباب والفتيات لتدارس السيرة النبوية بشيء من التأمل واستشعار عظمة الله ومكانة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم علّ ذلك يستدعي في قلوبنا مزيدا من المحبة والتأسي بنبي قصّرنا في محبته وفي اتباع سنته حتى نكاد نخاف على أنفسنا بأن يصيبنا شيء من الجفوة ولكن حسبنا أننا نشهد ربنا بأننا نجاهد أنفسنا على أن لا تأخذنا الدنيا بعيدا عن ركبه وانتهاج سنته ومحبة آل بيته الأطهار . اللهم ألهمنا رشدنا وارزقنا محبتك ومحبة نبيك على الوجه الذي يرضيك عنا حتى نلقاك ، اللهم أحيينا على سنته وأمتنا على سنته وارزقنا شفاعته.