أكد عدد من علماء الدين الإسلامي في مصر أن الترجمة الإسلامية تواجه كثيرًا من التحديات، خاصة الترجمة الحرفية للقرآن الكريم وبعض المسائل الفقهية، مؤكدين أن الترجمة الإسلامية تعتبر من أصعب الترجمات؛ لأنها ترتبط بعقيدة وأحكام وأصول فقهية شديدة الحساسية، وقالوا خلال اللقاء الذي عقد أمس الأول بمقر الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام حول (الترجمة الإسلامية ودورها في خدمة المجتمعات العربية): “إن الترجمة الدينية تحتاج إلى مهارة ودقة فائقة حتى لا تتعرض للتشويه والخلط المتعمد، وحتى تستطيع مواجهة الحملة الشرسة التي يشنها أعداء الإسلام، وتمكنها من توصيل الدعوى إلى الغرب لكي يفهم حقيقة هذا الدين ومدى سماحته”. إعداد كوادر ويرى الدكتور أحمد طه الريان أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن الترجمة الإسلامية تعاني من معوقات كثيرة، وأن جميع الجهود المبذولة فيها جهود فردية، وتحتاج إلى متخصصين في الحديث والتفسير بجوار المترجم نفسه، وقال: ما نلاحظه من أخطاء شائعة في بعض الترجمات يرجع إلى المترجم، وعدم فهمه القرآن وأسباب النزول ومعانيه؛ مما يؤدي إلى تغير معناه. الترجمة تعد الوسيط بين لغتين، وبقدر ما يكون الوسيط صحيحًا ودقيقًا تكون الترجمة دقيقة ومعبرة، للأسف فإن واقع الترجمة في الدول الإسلامية ضعيف على جميع المستويات؛ لعدم توافر المترجم المؤهل تأهيلًا كافيًا من الناحية اللغوية والأدبية والشرعية. ودعا الريان إلى إعداد كوادر تهتم بالترجمة وتكوين هيئات تقوم بخدمة الترجمة الإسلامية؛ لكونها من أصعب الترجمات، فهي ليست كبقية المعارف الأدبية الأخرى أو الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية التي لا ترتبط بعقيدة وأحكام وأصول الفقه. وعن الصعوبات التي تواجه الترجمة قال الريان: “قلة الاعتمادات المالية تعد من أكبر الصعوبات التي تواجه الترجمة الإسلامية؛ حيث لا توجد اعتمادات مالية كافية لترجمة ما نريد توصيله لغير المسلمين أو لمسلمي الخارج، إضافة إلى عدم الاتفاق على الكتب والموضوعات المراد ترجمتها، كما أن موارد الجهات المسئولة عن نشر الدعوة بالخارج غير كافية؛ وبالتالي لا تستطيع ترجمة كل ما تسعى إلى ترجمته؛ لذلك نرى ضرورة وجود لجان متخصصة لانتقاء الموضوعات التي تهم المسلمين لترجمتها، وأن يكون القائمون على تلك الترجمة ممن يجيدون اللغات الأجنبية إجادة تامة، وعلى دراية كافية باللغة العربية بصفة عامة والنواحي الدينية الإسلامية بصفة خاصة، إضافة إلى أن الترجمة الدينية شديدة الصعوبة؛ لأن الكلمة الواحدة تحمل معاني كثيرة، كما أن على القائم بالترجمة فهم ما تدل عليه الكلمات فهمًا دقيقًا حتى تتماشى الترجمة مع معاني الآيات أو نصوص الأحاديث، كما أن التصدي لترجمة معاني القرآن الكريم يتطلب المعرفة بأسرار التنزيل والوقوف على الآيات حتى لا تنقل معلومات خاطئة عن الإسلام وأحكامه وصورته. أخطاء فادحة من جانبه يوضح الدكتور محمد أبو ليلة رئيس قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر أن المصطلحات الإسلامية تعاني غموضًا عند التحول أو الصياغة إلى لغة أخرى؛ لعدم ثراء هذه اللغات، كما هو الحال بالنسبة للغة العربية، فالترجمة الخاطئة إما أن تكون مقصودة؛ فتؤدي إلى التشويش، أو ناتجة من عدم إجادة للغة؛ فتؤدي إلى التنفير، ولا شك أن هناك جهات يهمها نشر هذه الترجمات غير الصحيحة للمصطلحات الإسلامية لتشويه صورة الإسلام في العقل الأوروبي. وطالب أبو ليلة بضرورة تطوير حركة الترجمة في المنطقة العربية باعتبارها نافذة مهمة للثقافة العربية على الثقافات الأخرى، كما دعا الجامعة العربية إلى جعل قضية اللغة العربية والقضايا المرتبطة بها، وفي مقدمتها تطوير الترجمة في صدارة جدول أعمال القمة الثقافية المرتقبة، منوهًا إلى أن هناك أخطاء فادحة في ترجمة معاني القرآن الكريم تثير الكثير من الشبهات التي توجه إلي الإسلام. فالمترجم يترجم القرآن الكريم حرفيًا. مثلًا ترجمة كلمة الله إلى "لورد” وكلمة الجنة “ذا جاردن” وهو كلام غير موجود في القرآن الكريم. هيئة للترجمة ويقول الدكتور محمد نبيل الغنام الأستاذ بجامعة الأزهر: “مشكلة الترجمة الإسلامية تتضح عند نقل وترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى، فلا نستطيع ترجمة معانيه بدقة؛ لأن هناك بعض التعبيرات التي لا يمكن نقلها إلى اللغات الأخرى؛ حيث لا يفهم أهل اللغة المنقول إليها ما يفهم من النص العربي؛ ولذلك نستعيض عن الترجمة الحرفية للقرآن الكريم بأن نترجم معنى النص القرآني وليس النص نفسه، إضافة إلى أن هناك بعض المصطلحات في الفكر الإسلامي، خاصة في الفقه نتغلب عليها بترجمتها إلى أقرب كلمة في اللغة المنقول إليها، ثم نشرح المعنى بحيث يستطيع القارئ فهم المعنى المقصود منه في اللغة العربية؛ حتى نصل إلى ما نرجوه، فلابد من إعداد كوادر على مستوى عالٍ في اللغتين؛ وبخاصة في اللغة المنقول إليها.