أرقام قياسية في معدلات الرسوب.. مدرسون فاسدون.. أهالي يلجأون مكرهين إلى السحب بالقرعة بهدف حجز مكان لولدهم في المدرسة. هذا بعض مما يكشفه الفيلم الأميركي الوثائقي “وايتينغ فور سوبرمان” (بانتظار سوبرمان) الذي يعرّي واقع النظام التعليمي الرسمي في الولاياتالمتحدة الأميركية. ويقول مخرج الفيلم دايفس غوغنهايم: “مدارسنا معطلة.. قبل 10 سنوات أعددت فيلمي الوثائقي الأول الذي تناول المدرسين، ومنذ ذلك الوقت، ما زالت الأمور على حالها، من دون تسجيل أي تحسن”. وكان غوغنهايم أخرج فيلما وثائقيا في العام 2006 مع نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور، تحت عنوان “أن إنكونفينيينت تروث” (حقيقة مزعجة). وخلال تقديمه لفيلمه في مهرجان “سيلفردوكس” للأفلام الوثائقية في سيلفر سبيرنغ، قبل عرضه في الصالات الأميركية في شهر سبتمبر المقبل، قال غوغنهايم: “أردت أن أعد فيلما يتحدث باسم الأطفال ويكون وقعه قاسيا على البالغين”. ويرافق الفيلم تلامذة من أحياء شعبية في كل من لوس أنجليس ونيويورك والعاصمة واشنطن، وتعتبر المدارس الرسمية في هذه المدن الثلاث من بين “الأسوأ”، وقد صنّفها المدرسون أنفسهم بأنه “معامل للفشل”. في لوس أنجليس، لا ينهي نصف التلامذة المرحلة الثانوية. أما في كاليفورنيا فلا يصل سوى ربع تلامذة الصف الرابع المتوسط إلى المستوى المطلوب في الرياضيات، وفي العاصمة الفدرالية 12 % من تلامذة الصف نفسه يقرأون بشكل صحيح، على ما يكشف الفيلم. ويعرّي الفيلم الوثائقي نظاما بيروقراطيا معقدا تتداخل فيه القوانين الفدرالية مع قوانين الولايات وامتيازات المقاطعات واستقلالية الدوائر التعليمية. كذلك يضيء الفيلم على “شوائب” نظام تتبادل فيه المدارس الرسمية المدرسين الرديئين، بما أنها غير قادرة على صرف هؤلاء الذين تحميهم عقود عمل مدى الحياة. وهذا النظام، الذي يُطلق عليه بحسب الولايات “رقصة الفاكهة الفاسدة” أو “مرر لي سلة المهملات”، يسمح بالتخلص من أستاذ رديء خلال فترة زمنية معينة على أمل الحصول على آخر أقل رداءة من مدرسة أخرى. ويتوقف الوثائقي أيضا عند تأسيس “تشارتر سكولز” في التسعينات، وهي مدارس مجانية تمولها الدولة أما إدارتها فتأتي مستقلة ذاتية. هذه المدارس تتمتع عادة بمستوى أفضل من تلك الرسمية، لكن على الأهالي أن يكافحوا أملا بالحصول على مقعد دراسي لصغيرهم، وذلك عبر عملية سحب بالقرعة. هكذا، في قاعات خُصصت للرياضة، ومع بداية كل عام دراسي، ينتظر مئات المرشحين الصغار وأهلهم نتيجة سحب طابات مرقمة. وفي حين تتوالى على الشاشة خطابات رؤساء الجمهورية الأميركيين الذين يشددون على أولوية التعليم، يستعيد الفيلم إقرار قانون “لا تسرب دراسي” (نو تشايلد ليفت بيهايند) في العام 2001 (خلال ولاية جورج بوش) والذي يقضي بتعزيز مستوى التعليم الرسمي، لكن عملية الإصلاح هذه لم تحقق ما كان متوقعا منها. وفي حين أعلنت إدارة أوباما نيتها إصلاح المدارس من جديد، يؤمن فيلم “بانتظار سوبرمان” حجة إضافية للمضي قدما بذلك. ويحاكي هذا الفيلم كتاب “موت وحياة النظام التعليمي الأميركي العظيم” الذي وضعته المؤرخة ديان رافيتش منتقدة فيه النظام التعليمي الذي كانت تدعمه في ما مضى، ويُعتبر هذا الكتاب من المؤلفات القليلة حول التعليم الذي تم تصنيفه في لائحة الكتب الأكثر مبيعا، هذا الربيع. وبحسب دراسة (بيزا 2006) التي نفذتها “منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية” حول التعليم، تأتي الولاياتالمتحدة في المرتبة 21 في ما يتعلق بالمواد العلمية بالنسبة إلى المراهقين (15 عاما) وفي المرتبة 25 في ما يتعلق بالرياضيات.