حتى من كرة القدم هناك دروس للكبار الذين يظنون أنهم في غنى عن الدروس مطلقا. في كأس العالم التي توشك على جمع أنقاضها وإعلان الفائز بها حدثت في التحكيم أخطاء غير مقبولة أبداً تضررت منها الولاياتالمتحدة أولاً ثم حليفتها في الحق والباطل إنجلترا ثم المكسيك. ومع أن الولاياتالمتحدة استدركت فعوّضت إلّا إنها خسرت في النهاية فرحلت. وأما إنجلترا فكان الخطأ في حق الهدف الذي ألغي ظلماً إذانا برحيلها وانطلاق سيل من الشتائم ضد منتخبها من قبل جمهورها. هذه أخطاء كروية بالرغم من فداحتها تظل غير متعمدة حتماً، فكيف بمن يُظلم المرّة تلو الأخرى بتعمّد وصلف، بل واستعلاء واستكبار! هاتان الدولتان (الولاياتالمتحدة وبريطانيا) يمارسان من خلال مجلس الأمن (ومن غير مجلس الأمن) دور القاضي الذي يدين الدول ويبرئها، ويلعبان دور الحكم الذي يظلم عنوة وهو يعلم، فيدين الضحية ويبرئ الجاني، ويجلد المظلوم ويصفق للظالم. ولو أن قضايا الشرق الأوسط حولت إلى سيناريو كروي يجمع بين الدولة الصهيونية المستعلية والفئة الفلسطينية المستضعفة، وكان الحكم في كل مرة (غصباً عن بلاتر وابن دهام) راع بقر أمريكي يسانده رجلا خط إنجليزيان، فإن النتيجة (طبقاً لما حدث ويحدث عبر أكثر من نصف قرن)، هي بالتأكيد فوز الصهاينة على أبناء غزة والضفة، ولن يجدي الفلسطيني المغلوب تغيير المدربين ولا تحفيز اللاعبين ولا إعداد الخطط المدروسة ولا إطلاق التصريحات المكرورة. مغلوب يعني مغلوب أيها المنتخب الفلسطيني وحتى العربي، فالحكم الأمريكي له عين واحدة لا ترى إلا أخطاء الفلسطينيين حتى لو كانت خفية ذكية. ذاق الأمريكان والإنجليز طعم الظلم ولو لمرة واحدة، وتجرعوه ولو كان في ميدان كرة تركلها الأرجل لا أكثر. ولذلك فهم يطالبون بآلية تحدّ من هذه الأخطاء الفادحة، ولعلها إعادة اللقطة مرة ومرتين حتى يتبين الحق ويقطع الشك. لكن ما الذي يمكن للضحايا الآخرين فعله في ظل حكام (عور) لا يرون في الصهيوني إلا محسناً عادلاً، وفي غريمه الفلسطيني إلا مسيئاً ظالماً!!! [email protected]