يمكن القول دون أدنى مبالغة إن مقياس نهوض المجتمعات ورقيها يقاس بمدى ممارستها للعمل التطوعي الذي يعتبر مرآة لتآلف تلك المجتمعات وتكاتفها وتقدمها، وشكلا من أشكال الوحدة الوطنية، ومظهرا من مظاهر حب الوطن، لا سيما في الأوقات العصيبة التي يتعرض فيها الوطن للمحن، باعتبار هذا العمل بما ينطوي عليه من معاني النبل والإيثار والتضحية الرابط الذي يربط بين الجهود الحكومية والأهلية عندما يتعرض المجتمع إلى تلك المحن. يتضح البعد الإنساني في العمل التطوعي في إقدام المتطوع خلال عمله التطوعي على بذل المال والجهد والوقت لخدمة المجتمع والتخفيف من آلام ومعاناة المتضررين دون انتظار مقابل مادي أو ربحي على نحو ما حدث خلال محنة سيول جدة التي أدت إلى تضرر آلاف الأسر، ومسارعة الآلاف من شباب المحافظة لتلبية نداء الواجب عندما هبوا بحسهم ودافعهم العقدي والإنساني والوطني للتخفيف من الأضرار التي نجمت عن تلك السيول وإغاثة سكان الأحياء المتضررة، وتقديم المساعدات العينية والمعنوية لهم بما شكله من صورة رائعة خففت من آلام المتضررين وذوي الضحايا وأعادت البسمة إلى شفاههم. أكدت مشاركة شباب جدة فتيانًا وفتيات في عمليات الإنقاذ والإغاثة خلال المحنة على أن بناءنا الاجتماعي والعقدي ولله الحمد سليم ومعافى، وأن مجتمعنا متماسك ومتكاتف ضمن نسيج متين، وأن شبابنا الناهض يعي جيدًا حجم المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه من خلال استعداده للقيام بالمهام المناطة به للنهوض بهذا المجتمع، والعمل على تميزه، الأمر الذي يدفع إلى الاطمئنان على مستقبل الوطن وسلامة الأجيال وبلوغ الآمال في ظل قيادتنا الرشيدة التي تضع خدمة المواطن وتحقيق آماله في الحياة الحرة الكريمة في مقدمة أولوياتها ومهامها. تكريم أمير منطقة مكةالمكرمة سمو الأمير خالد الفيصل المتطوعين والمتطوعات الذين ساهموا في تخفيف الأضرار التي نتجت عن سيول جدة من خلال الحفل الذي رعاه امس الاول وطلبه من امانة جدة انشاء حديقة كبيرة تحمل اسماءهم يعتبر شهادة شكر وتقدير من الوطن لأولئك الشباب الذين عبروا بهذا العمل عن واجهتنا الحضارية ورسالتنا الإنسانية وقيمنا الخالدة المستمدة أساسًا من ديننا الإسلامي الحنيف.