في كلمته التي ألقاها في الحفل الختامي للمؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني الذي انعقد مؤخرًا في العاصمة الحبيبة الرياض تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- أوضح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار رئيس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر أن المؤتمر الدولي للتراث العمراني قد حقق نجاحًا وفق أعلى المقاييس التنظيمية وبشهادة الجميع، معتبرًا أن المؤتمر من المنتديات العلمية الغنية التي فاقت التوقعات بحمد الله، مؤكدًا أيضًا أن المؤتمر يعد واحدًا من أكبر المؤتمرات التي انعقدت في تاريخ المملكة ولم يشهد طيلة أيام انعقاده أي أحداث سلبية تذكر في كافة فعالياته التي أقيمت في (11) منطقة من مناطق المملكة. والمؤتمر أقيم تحت عنوان «تنمية اقتصادية لتراث عمراني نعتز به» وفي واقع الأمر وقبل الدخول في تفاصيل «أجندة» المؤتمر أود أن أوضح أن هذه الخطوة من الخطوات المهمة في مشوار صناعة المؤتمرات بهذا المستوى المثالي، وإنها بدون شك تعد خطوة جديرة بالاهتمام والرعاية لكونها تساهم بل تؤدي إلى تنمية الاقتصاد المتخصص في تنمية هذه الجزئية والمتمثلة في صناعة المؤتمرات، والمؤتمر الدولي للتراث العمراني كما أعلنته وأكدته حملته الإعلامية الجيدة استمر ستة أيام (من 09-14 جمادي الآخرة 1431ه) وشارك فيه ما يقارب من (25) وزيرًا من الدول الإسلامية وعشر منظمات عربية وإقليمية وما يقارب (42) متحدثًا أكثر من نصفهم متحدث خارجي ضمت مجملهم ورش عمل صباحية وشاركهم فيها ما يقارب (162) باحث وعالم في مجالات مختلفة ومتعددة للتراث العمراني. وقد كنت أتابع ما أفرزته أجندة المؤتمر من حلقات وجلسات كانت تتناول الوضع الراهن للتراث العمراني في الدول الإسلامية، ومناقشة الوسائل الحديثة لتفعيل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لذلك التراث بمختلف مناحيه، وقد شملت جلسات المؤتمر، وهذا هو الشيء الجميل الذي نقله لي كل من حضر واستمتع بالحضور، تلك العروض الثرية من التجارب الدولية والبلدية الناجحة في مجال تطور التراث العمراني وتحويله إلى مورد اقتصادي، حقيقة أثلج صدري ذلك التناول الممتع لهذه الجزئية المهمة التي تتوافق مع ما تسعى إليه وتحرص على تأكيده الهيئة العليا للسياحة والآثار في بلادنا من خلال العمل الجدي لتطوير التراث العمراني في كافة المناطق والمواقع الأثرية في بلادنا، وتحويل مبانيها ومواقعها إلى متاحف عمرانية متطورة تساهم في تنمية الموارد الاقتصادية. أيضًا تمت مناقشة الكثير من الموضوعات المهمة التي احتضنتها قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالعاصمة الحبيبة الرياض، فكان من أهم تلك الحلقات موضوع «التراث العمراني.. قضايا ورؤى»، وموضوع «رواد المحافظة على التراث العمراني» أيضًا محاضرة «تأهيل مباني التراث العمراني للاستثمار»، وكذلك موضوع «تجارب المدن في المحافظة على التراث العمراني» هذا بالإضافة إلى الموضوعات المهمة التي تم استعراض جوانبها من أبرزها موضوع بعنوان: (الفنادق التراثية) وهذا الموضوع أثار الكثير من المناقشات عند الكثير من المهتمين بصناعة السياحة» ونوقشت أيضًا موضوعات حول المحافظة على التراث العمراني، وأخرى عن المتغيرات البيئية وانعكاساتها على التراث العمراني إلى جانب موضوعات عن التدريب في مجال المحافظة على التراث العمراني. وكان مسك الختام في تلك الأجندة على ما أذكر موضوع مناقشة الوضع الراهن للتراث العمراني الذي كان موضوعًا مهمًا تعددت فيه الكثير من المناقشات التي حتمًا ستحقق النتائج المفيدة في القريب من الأيام، ولم تكن أيام المؤتمر جلسات أو محاضرات بل تضمن أيضًا معارض مصاحبة أوجدت للمؤتمر أهمية ملموسة حيث ضم المعرض المقام في موقع المؤتمر مشاركة عدد من الجهات الحكومية والشركات المختصة من عدد من الدول العربية والإسلامية كانت مشاركتها في تقديم نماذج من التراث العمراني في دولها أو مناطقها. وقد شهد المتحف الوطني بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي بالرياض معرض لروائع التراث في الدول الإسلامية الذي نظمه مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإسطنبول «أرسيكا» التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي حيث اشتمل ذلك المعرض على لوحات جسدت جانب من المواقع المتميزة من التراث العمراني في الدول الإسلامية، هذا بالإضافة إلى تقديم نماذج من الحرف التي أبرزت مهنية زخرفة الرواشين وأعمال الجبس والنحت على الأحجار والزخرفة على الأبواب والأسقف والزخرفة على الجدران والرسم والتلوين، كما تم تقديم نماذج من أنماط البناء التراثي في مناطق بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية لعدد من مناطقنا، ولم يغفل المؤتمر ترسيخ هذا المفهوم الذي يدعو إلى المحافظة على التراث العمراني لدى النشء من الجيل الجديد فقد شهدت مدارس المملكة فعاليات متميزة من خلال إيجاد أسبوع تعليمي تحت مسمى (أسبوع التراث) الذي نظمته وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار تفاعلًا مع أهمية موضوع المؤتمر. وقد أقيمت العديد من المسابقات والدروس التعليمية عن التراث العمراني، بالإضافة إلى توفير رحلات تعريفية للطلاب لعدد من المواقع الأثرية التي اطلع خلالها الأبناء على جوانب من التراث العمراني، وهذه الخطوة تعتبر أيضًا من الخطوات الإيجابية والمهمة التي أقدم عليها المسؤولون عن المؤتمر؛ لأنها أوجدت مفهوم الاعتزاز للأجيال بما كانت عليه الأجيال السابقة من تميز عمراني، وقد لفت نظري ذلك الاهتمام المتزايد بتوفير كم هائل من المطبوعات التوعوية التي تساهم في إبراز مكانة التراث العمراني وأهمية المحافظة عليه.