النجاح ثمنه همّة ماضية لا تعرف النكوص، وعمل دائم لا يشوبه تردد، وتفاؤل لا ينغصه يأس، النجاح هو هدف وزمن وخطة، والتزام، فالهدف يحدّد حتى يتحقق، والزمن يعين حتى ينجو من الفوضى، والخطة هي شرح لعملية الوصول للهدف، وأما الالتزام فهو صبر ومثابرة حتى النصر والفوز بالمطلوب، الناجحون في الحياة بشر مثلنا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، لكن عندهم عزائم أمضى من السيف حسماً، وأجرأ من الدهر حزماً، كل ناجح منهم عبر جسر التعب والمعاناة، وذاق كأس المشقة والألم، تصدق بفضول النوم على النجوم، وطلّق الراحة إلى غير رجعة، وودع الكسل إلى غير لقاء، النجاح هو النصر في معركة الحياة، فأنت في الدنيا غالب أو مغلوب، وهذا النصر هو أمنية عذبة جعلت النمل يصعد الصخر ألف مرة ويسقط ليرقى في المرة الواحدة بعد الألف، وأنشودة النصر شجعت النحل ليجاهد في الحقول ينتج عسلاً مصفّى، الحياة غابة يُفترس فيها الجبناء؛ فدافع عن وجودك بجدك وصبرك وإلا فسوف يقتنصك سباع الشّر، والويل للضعفاء. النجاح لا يأتيك هبة ولا يأتيك صدقة، فأنت لا تعمل في جمعية تعاونية للمحسنين، أنت في ورشة عمل صاحبه بين السندان والمطرقة، فما هناك إلا جلبة منجل وفأس ومنشار وساطور وقدوم، إن الذي ينتظر في الحياة للحصول على وجبة غداء مجاني سوف يبيت جائعاً، وإن الذي يخاطب الكواكب لتمنحه مالاً سوف يظل محروماً. توكل على الله وحده وانطلق في مجالك المرسوم بموهبتك المتاحة، معك قلب نابض بالعزيمة، وبدن صابر على المجاهدة، وفكر ثاقب يميّز بين الخطأ والصواب، هل مكث الليث في عرينه ليهدى له ظبيٌ حنيذٌ أم برز وصارع حتى أكل بمخلبه؟ هل انتظر الطير في عشه حتى يتصدق عليه بجفنة من حب أم بادر إلى الحقول يفتش ويجتهد لينال رزقه؟ لولا أن السهم انطلق من القوس بقوة ما صرع فريسة، ولولا أن الماء جرى وتفرق لأصبح آسناً تعافه النفوس، القمم ثمنها الهمم، والحفر مساكن أهل الكسل والضجر، كل عظيم ما جلس على النجوم حتى صارع الهموم، وذاق السموم، فيا حسرة على الفاشلين والمحبطين، أقرأ سير الناجحين فإذا أنّات وزفرات، وجراح ومعاناة، ونداء وتضحيات، وأطالع أخبار المهزومين فإذا الغفلة والتسويف والخور والإرجاف، والتخذيل والأماني. الناجحون تحييّهم السماء، وترحب بهم الأرض، وتقف لهم الجموع، وتهتف بمجدهم النفوس، ويحتفي بهم التاريخ، والفاشلون يضيق بهم أهلهم، وتتبرأ منهم عشائرهم، ويأنف منهم المجد، وترفضهم الفضيلة، كن ناجحاً تجلس في الصدر، وتنلْ الشرف، وتحضَ بتاج العزّة وتحزْ وسام الفخر، ولا تكن فاشلاً فتمت وأنت حي، وتدفن وأنت تمشي، وتلغَ من الوجود ويشطب على اسمك من سجل الخلود؛ لأ نك صفر والصفر لا قيمة له.