يواجه المسؤولون الأوروبيون مجددا معضلة التصدي للهجمات المستمرة من قبل المتعاملين والتشكيك المتصاعد من أسواق المال في أداء العملة الأوروبية الموحدة اليورو والتي واصلت تراجعها في مختلف الأسواق المالية أمس. ورغم الإجراءات والتدابير المحددة التي تم الاتفاق عليها خلال أول لقاء لفريق العمل الأوروبي الخاص بإصلاح أداء منطقة اليورو الجمعة الماضية في بروكسل فان التشكيك في قدرة الحكومات الأوروبية على اعتماد خطط تقشف صارمة مقرونة بمشاريع إنعاش اقتصادي ذات مصداقية يعدّ الأمر الرئيس وراء ما يعرض له اليورو من ضغوط. واتفقت الدول الأوروبية يوم الجمعة الماضية في بروكسل على خريطة طريق من عدة طوابق لإنقاذ اليورو و تنص على فرض مزيد من الرقابة على الموازنات العامة والتوجه نحو سنّ عقوبات على الدول المقصرة وإرساء آلية طوارئ مستدامة لإدارة الأزمة المالية. ولكن الخلافات المسجلة خلال الساعات الأخيرة بين مسؤولي منطقة اليورو وبشكل علني أولا وثانيا ظهور مؤشرات على تسجيل متاعب جديدة في اسبانيا هذه المرة وضعت حدا لآفاق خروج اليورو من النفق الذي يواجهه منذ اندلاع أزمة ديون اليونان. وزادت الانتقادات اللاذعة التي وجهها رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه مانوال باروزو للإدارة الألمانية للازمة من التوتر داخل المؤسسات الأوروبية في بروكسل خلال الساعات الأخيرة.وانتقد باروزو بشكل غير معهود الموقف الألماني من إدارة أزمة الديون ووصف تدابير ألمانيا خلال حديث لإحدى الصحف الصادر في فرانكفورت امس للتصدي للازمة بأنها ساذجة وغير مجدية. ويبدو ان رئيس المفوضية الذي يواجه بدوره انتقادات كبيرة لتواضع أدائه منذ إندلاع أزمة اليونان بات يخطط للتحالف مع فرنسا ودول الجنوب الأوروبي المتهمة بالتسيب ضد دول الشمال الأوروبي المطالبة بإجراءات صارمة لإنقاذ اليورو وبشكل فوري. وركز باروزو انتقاه لألمانيا بشأن مقترحات برلين بتحوير الاتفاقيات الأوروبية لفرض عقوبات على الدول المقصرة واحتمال طردها من منطقة اليورو او إعلان إفلاسها. كما قال باروزو انه يجب إحداث توازن في القدرة التنافسية للدول الأعضاء في إشارة إلى التفوق الاقتصادي والتجاري الكاسح لألمانيا مقابل شريكاتها داخل الاتحاد الأوروبي. ولكن عدة مسؤولين ألمان من الدوائر الاقتصادية والسياسية ردوا بدورهم بعنف وبسرعة على الانتقادات الصادرة عن رئيس الجهاز التنفيذي الأوروبي ورددوا أن الخيارات الألمانية لإدارة أزمة اليورو تظل الخيارات الصحية والسليمة.وليس من شأن تبادل الاتهامات بشكل علني بين المسؤولين الأوروبيين أن يدعم إستراتيجية الخروج من الأزمة التي يسعى نفس المسؤولين إلى بلورتها وإقناع المتعاملين وأسواق المال. ويبدى العديد من المراقبين شكوكا كبيرة في الخطوات الأوروبية بسبب تباين موقف الدول الأعضاء وانعدام مخطط تحرك عملي وواضح وكذلك نظرا لظهور مؤشرات على توجه دول مثل اسبانيا نحو دوامة أزمة قد تطال مجددا مؤسساتها المصرفية.