عندما أعلن الشيخ الدكتور محمد العريفي قبل حوالى شهر من الآن نيّته الذهاب إلى مدينة القدسالمحتلة لتصوير حلقة من برنامجه التلفزيوني هناك (ضع بصمتك)، قامت الدنيا ولم تقعد، وهاجت الصحافة وماجت، وقوبل تصريح الرجل بموجة غير مسبوقة من الاستنكار. في حينها كتبتُ منتقدًا الشيخ العريفي، لكنني أشفعتُ هذا الانتقاد باستغرابي الشديد من أمرين.. الأول: هو الدفاع المستميت الذي لجأ إليه مريدو الشيخ لدفع التهمة عن شيخهم، رغم أن خطأه كان واضحًا. والثاني: هو مساهمة عدد غير قليل من الكُتّاب السعوديين في الحملة الصحفية التي استهدفت العريفي، رغم أنهم غير معروفين بالاهتمام بالشأن الفلسطيني. بل إن بعضهم لم يكلّف خاطره ويكتب شيئًا عن حرب الإبادة الجماعية التي شنّتها الدولة العنصرية على قطاع غزة وسكانه من المدنيين العزل! أكثر من هذا، فإن بعض هؤلاء الكُتّاب حمّل -ولا يزال يحمّل- حركات المقاومة الفلسطينية، مسؤولية كل المجازر والانتهاكات التي تقوم بها دولة الكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة!! لكن هؤلاء جميعًا تسابقوا إلى إدانة الشيخ العريفي عندما أعلن عزمه القيام بزيارة القدس، في حين أن أحدًا من هؤلاء لم يفتح فم قلمه بكلمة، عندما استضاف كل من المذيع علي العلياني، والمذيعة لجين عمران، المغنية الإسرائيلية المتخصصة في أداء الأغنيات الخليجية، رحيلا، ضمن برنامجيهما التلفزيونيين! ما حدث من انتقاد للعريفي، وسكوت عن العلياني وعمران، يثبت أن بعض صحافيينا وكتّابنا يعانون من داء ازدواجية المعايير. وهو ما نلاحظه -بكل أسف- عند تعاطي كل تيار فكري مع الأزمات والقضايا والمستجدات في الساحة السعودية. لقد صدمني الصمت المريب الذي تعامل به مدّعو الليبرالية مع حادثة استضافة المغنية الإسرائيلية، وكأنهم يريدون التعتيم على هذه الواقعة التي حدثت على مرأى ومسمع من متابعي القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت. وعلى الرغم من أنني لم ولن أتوقع أن يهب هؤلاء للدفاع عن الحق العربي عمومًا، والحق الفلسطيني خصوصًا، إلاّ أنني أُصبت بصدمة حقيقية عند تجاهلهم الواقعة الأخيرة، لا لشيء إلاّ لأنني كنتُ أفترض فيهم اللجوء إلى الكتابة حرصًا على مصداقيتهم أمام القارئ، وتأكيدًا على مهنيتهم التي تقتضي التحلّي بأعلى درجات الموضوعية والحيادية. يبدو أن هؤلاء يفتقرون حتى للمقومات المهنية.